البندقداريّ وأصحابه ، وحادثة ، وطلب منه امرأة من سبي التّتار ، فأنعم له بها ، فأخذ يده ليقبّلها ، وكانت تلك إشارة بينه وبين أولئك ، فبادره بدر الدّين بكتوت الجوكندار المعزّيّ ، فضربه بالسّيف على عاتقه فأبانه ، ثمّ رماه بهادر المعزّيّ بسهم قضى عليه ، وذلك يوم سادس عشر (١) ذي القعدة.
[سلطنة بيبرس]
ثمّ ساروا إلى الدّهليز وضربوا مشورة فيمن يملّكوه عليهم ، فاتّفقوا على ركن الدّين البندقداريّ. وتقدّم الأمير فارس الدّين أقطاي المعروف بالأتابك فبايعه ، ثمّ تلاه الرشيديّ. ولقّب بالملك القاهر (٢).
ثمّ ساق هو والأتابك ، وقلاوون الّذي تسلطن ، والبيسريّ ، وجماعة ، وقصد قلعة مصر ، ورتّب أقوش النّجيبيّ (٣) أستاذ داره ، وعزّ الدّين الأخرم أمير جندار. فخرج نائب الملك المظفّر على القاهرة للقائه ، وهو الأمير عزّ الدّين الحلّيّ ، فصادف هؤلاء فأخبروه بما وقع ، فحلف لركن الدّين ، وردّ إلى القلعة ووقف على بابها ينتظره.
وكانت القاهرة قد زيّنت لقدوم المظفّر وهم في فرحة ، فلمّا طلع الضّوء لم يشعروا إلّا والمنادي يقول : معشر النّاس ، ادعوا لسلطانكم الملك القاهر ركن الدّنيا والدّين. ووعدهم بالإحسان وإزالة ... (٤) لأنّ المظفّر كان قد أحدث على المصريّين حوادث كثيرة ، منها تصقيع الأملاك وتقويمها وزكاتها ، وأخذ ثلث الزّكاة ، وثلث التّركات ، وعن كلّ إنسان دينار واحد ، ومضاعف الزّكاة ، فبلغ ذلك في العام ستمائة ألف دينار ، فأطلق لهم ذلك. وجلس على
__________________
(١) في ذيل مرآة الزمان ١ / ٣٧١ «ثالث عشر» ، وفي المختصر في أخبار البشر ٣ / ٢٠٧ «سابع عشر» ومثله في الروض الزاهر ٦٨ ، وحسن المناقب السرية (مخطوطة المكتبة الأهلية بباريس ١٧٠٧) ورقة ٩ و ١٣٦ ، وعقد الجمان (١) ٢٥٤.
(٢) في الدرّة الزكية ٦٢ «ولقّب الملك الظاهر» ، ومثله في : الحوادث الجامعة ١٦٦ (حوادث سنة ٦٥٩ ه.) ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٢٣ ، وحسن المناقب ، ورقة ٩ ب ، و ١٣٦ ب ، وتالي وفيات الأعيان ٥٠.
(٣) في ذيل مرآة الزمان ١ / ٣٧١ «التجيبي» بالتاء المثنّاة. والمثبت يتفق مع بقية المصادر.
(٤) بياض في الأصل. وفي المختار ٢٥٨ «ادعوا لسلطانكم الملك القاهر ، فوجموا خوفا من عودة دولة البحرية. ثم سرّي عنهم بمواعيد برزت إليهم». وانظر : ذيل مرآة الزمان ١ / ٣٧٢.