ما فيها : ثمّ ساروا بالناصر وأخيه إلى هولاكو.
قال قطب الدّين (١) : فأكرمه وأحسن إليه ، فلمّا بلغه كسر عسكره بعين جالوت غضب ، وأمر بقتله ، فاعتذر إليه ، فأمسك عن قتله ، لكن أعرض عنه. فلما بلغه كسرة بيدره على حمص استشار غضبا ، وقتله ومن معه ، سوى ولده الملك العزيز.
وقيل : إن قتل النّاصر كان عقيب عين جالوت في الخامس والعشرين من شوّال سنة ثمان. وعاش إحدى وثلاثين سنة وأشهرا. فيقال : قتل بالصيف ، وقيل إنّه خص بعذاب دون أصحابه.
قلت : وكان مليح الشكل ، أحول ، وله شعر. يروي شيخنا الدّمياطيّ عن عليّ بن أبي الفرج النحويّ قال : أنشدنا السّلطان الملك النّاصر يوسف لنفسه :
البدر يجنح للغروب ، ومهجتي |
|
أسفا لأجل غروبه تتقطّع (٢) |
والشّرب قد خاط النّعاس جفونهم |
|
والصّبح من جلبابه يتطلّع (٣) |
وقد اشتهر عنه أنّه لمّا مرّ به التّتار على حلب وهي خاوية على عروشها ، قد هدت أسوارها ، وهدمت قلعتها ، وأحرقت دولها الفاخرة ، وباد أهلها ، وأصبحت عبرة للناظرين. أنهلت مقلته بالعبرة وقال :
يعزّ علينا أن نرى ربعكم يبلى
وكانت به آيات حسنكم تتلى (٤)
وقد أورد له ابن واصل (٥) عدّة قصائد ، ووصفه بالذّكاء والفضيلة والكرم ، إلى أن قال : وفي سابع جمادى الأولى عقد عزاؤه بدمشق بالجامع لمّا ورد الخبر بمقتله.
قال : وصورته على ما ثبت بالتواتر أن هولاكو لما بلغه مقتل كتبغا ، ثمّ كسرة أصحابه بحمص ، أخذ النّاصر وأخاه وقال للترجمان : قل له أنت زعمت
__________________
(١) في ذيل مرآة الزمان ١ / ٤٦٤ ، ٤٦٥.
(٢) في عيون التواريخ ٢٠ / ٢٦١ ورد الشطر الثاني :
«لفراق مشبهه أسى تتقطع»
(٣) البيتان في عيون التواريخ ، والنجوم الزاهرة ٧ / ٢٠٤.
(٤) في الأصل : «تتلا».
(٥) في القسم المفقود من «مفرج الكروب».