شيخ مشهور بدمشق. للنّاس فيه حسن اعتقاد. وكان يأوي إلى القمامين والمزابل الّتي مأوى الشّياطين ، ويلبس ثيابا تكنس الأرض ، وتتنجّس ببوله ، ويمشي حافيا ، ويترنّح في مشيته. وله أكمام ، طوال ، ورأسه مكشوف.
وكان طويل السّكوت ، ذا مهابة ووله مّا.
ويحكى عنه عجائب وكشوفات. وكان يأوي إلى قمّين حمّام نور الدّين.
ولمّا توفّي شيعه خلق لا يحصون من العامّة.
وقد بصّرنا الله وله الحمد وعرّفنا هذا النّموذج ، وأنّ لهم شياطين تطمع فيهم لنقص عقولهم ، وتجري منهم مجرى الدّم ، وتتكلّم على ألسنتهم بالمغيّبات ، فيضلّ النّاس ، ويتألّونهم ، ويعتقدون أنّهم أولياء الله ، ف (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ.) فقد عمّ البلاء في الخلق بهذا الضّرب ، ولكن الله يثيب النّاس على حسن قصدهم ، وإن جهلوا وأخطأوا ، ويغفر لهم بلا شكّ إذا كان قصدهم ابتغاء وجهه الكريم.
وهذا زماننا فيه واحد اسمه إبراهيم بظاهر باب شرقيّ ، له كشوفات كالشّمس ، وما أكثرها. أمام أربع سنين في دكّان برّ الباب ، ثمّ تحوّل إلى قمين حمّام الفواخير ، وهو زطّيّ ، سفيه ، نجس ، قد أحرقته السّوداء ، وله شيطان ينطق على لسانه ، فما أجهل من يعتقد في هذا وشبهه أنّه وليّ الله ، والله يقول في أوليائه إنهم (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) (١).
وقد كان في الجاهليّة خلق من الكهّان يخبرون بالمغيّبات ، والرّهبان لهم كشف وإخبار بالمغيّبات ، والسّاحر يخبر بالمغيّبات. وفي زماننا نساء ورجال بهم مسّ من الجنّ يخبرون بالمغيّبات على عدد الأنفاس.
وقد صنّف شيخنا ابن تيميّة غير مسألة في أنّ أحوال هؤلاء وأشباههم شيطانيّة ، ومن هذه الأحوال الشّيطانية الّتي تضلّ العامّة أكل الحيّات ، ودخول النّار ، والمشي في الهواء ، ممّن يتعانى المعاصي ، ويخلّ بالواجبات. فنسأل الله
__________________
= والعبر ٥ / ٢٤٠ ، وسير أعلام النبلاء ٢٣ / ٣٠٢ ، ٣٠٣ رقم ٢١٠ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢١٦ ، ٢١٧ وفيه : «الاقميني» ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٢٢١ ، وشذرات الذهب ٥ / ٢٨٩ ، ٢٩٠ ، وعقد الجمان (١) ٢٢٦ ، ٢٢٧.
(١) سورة يونس ، الآية ٦٣.