وكان الّذي حمله على مكاتبة العدوّ عداوة الدّويدار الصّغير وأبي بكر ابن الخليفة ، وما اعتمداه من نهب الكرخ ، وأذيّة الرّوافض ، وفيهم أقارب الوزير وأصدقاؤه وجماعة علويّين.
فكتب إلى نائب إربل تاج الدّين محمد بن صلايا العلويّ الرّسالة الّتي يقول فيها : كتب بها الخادم من النّيل إلى سامي مجدك الأثيل. ويقول فيها :
نهب الكرخ المكرّم والعترة العلويّة. وحسن التّمثّل بقول الشّاعر :
أمور يضحك السّفهاء منها |
|
ويبكي من عواقبها اللّبيب |
فلهم أسوة بالحسين حيث نهب حرمه وأريق دمه ولم يعثر فمه :
أمرتهم أمري بمنعرج اللّوى |
|
فلم يستبينوا النّصح إلّا ضحى الغد |
وقد عزموا ـ لا أتمّ الله عزمهم ، ولا أنفذ أمرهم ـ على نهب الحلّة والنّيل ، بل سوّلت لهم أنفسهم أمرا ، فصبر جميل. وإنّ الخادم قد أسلف الإنذار ، وعجّل لهم الأعذار.
أرى تحت الرّماد وميض نار |
|
ويوشك أن يكون لها ضرام |
وإن لم يطفها عقلاء قوم |
|
يكون وقودها جثث وهام |
فقلت من التّعجّب : ليت شعري |
|
أأيقاظ أميّة أم نيام |
فكان جوابي بعد خطابي : لا بدّ من الشّنيعة ومن قتل جميع الشّيعة ، ومن إحراق كتابي «الوسيلة» و «الذّريعة» ، فكن لما نقول سميعا ، وإلّا جرّ عناك الحمام تجريعا ، فكلامك كلام ، وجوابك سلام ، ولتتركنّ في بغداد أحمل من المشط عند الأصلع ، والخاتم عند الأقطع ، ولتنبذنّ نبذ الفلاسفة بحظورات الشّرائع ، وتلقى لقاء أهل القرى أسرار الطّبائع ، فلا فعلن يلبي كما قال المتنبّي :
قوم إذا أحدّوا الأقلام من غضب |
|
ثمّ استمدّوا بها ماء المنيّات |
نالوا بها من أعاديهم وإن بعدوا |
|
ما لا ينال بحدّ المشرفيّات |
__________________
= يا فرقة الإسلام نوحوا واندبوا |
|
أسفا على ما حلّ بالمستعصم |
دست الوزارة كان قبل زمانه |
|
لابن الفرات فصار لابن العلقميّ |
(البداية والنهاية ١٣ / ٢١٣).