زلزلت مرة ونحن حول الحجرة النّبويّة (١) ، فاضطرب لها المنبر والقناديل. ثمّ طلع في رأس أخيلين (٢) نار عظيمة مثل المدينة المعظّمة ، وما بانت لنا إلّا ليلة السّبت وأشفقنا منها.
وطلعت إلى الأمير وكلّمته وقلت : قد أحاط بنا العذاب ، ارجع إلى الله. فأعتق كلّ مماليكه وردّ على جماعة أموالهم. فلمّا فعل ذلك قلت : اهبط معنا إلى النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. فهبط وبتنا ليلة السّبت ، النّاس جميعهم والنّسوان وأولادهنّ ، وما بقي أحد لا في النّخل (٣) ولا في المدينة إلّا عند النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأشفقنا منها ، وظهر ضوءها إلى أن أبصرت من مكّة ، ومن الفلاة جميعها. ثمّ سال منها نهر من نار ، وأخذ في وادي أخيلين (٤) وسدّ الطّريق ، ثمّ طلع إلى بحرة الحاجّ ، وهو بحر نار (٥) يجري وفوقه حرّة (٦) تسير إلى أن قطعت وادي الشّظاه (٧) ، وما عاد يجيء في الوادي سيل قطّ لأنّها حرّة ، تجيء قامتين وثلاث علوّها (٨). والله يا أخي إنّ عيشتنا اليوم مكدّرة (٩) ، والمدينة قد تاب أهلها ولا بقي يسمع فيها رباب ولا دف ولا شرب (١٠). وتمّت النّار تسير إلى أن سدّت بعض طريق الحاجّ ، وكان (١١) في الوادي إلينا منها قتير (١٢) ، وخفنا أن تجيئنا ، واجتمع النّاس وباتوا عند النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١٣) وقد طفئ قتيرها الّذي يلينا بقدرة الله عزّ
__________________
(١) في الأصل : «النبوة».
(٢) في نهاية الأرب ٢٩ / ٤٥٠ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ١٨ «أحيلين» بالحاء المهملة ، وهو واد قريب من المدينة. وفي البداية والنهاية ١٣ / ١٨٨ «أجيلين».
(٣) في نهاية الأرب ٢٩ / ٤٥٠ «النخيل» ، ومثله في عيون التواريخ ٢٠ / ٨٩.
(٤) هكذا في الأصل بالخاء المعجمة ، وفي عيون التواريخ ٢٠ / ٨٩ «ااجلين» وهو تصحيف.
(٥) في نهاية الأرب ٢٩ / ٤٥٠ «نهر نار» ، وفي عيون التواريخ ٢٠ / ٨٩ «بحر ناري».
(٦) في نهاية الأرب ٢٩ / ٤٥٠ «جمرة».
(٧) الشظاة : بالظاء المعجمة ، واد يأتي من شرقي المدينة من أماكن بعيدة عنها ، حتى يصل إلى الحرّة.
(٨) إلى هنا يتفق النص مع نهاية الأرب ٢٩ / ٤٤٩ ـ ٤٥١.
(٩) في ذيل مرآة الزمان ١ / ٧ «مكروه» وفي عيون التواريخ ٢٠ / ٨٩ «متكدّرة».
(١٠) هذه العبارة ليست في نهاية الأرب.
(١١) في نهاية الأرب ٢٩ / ٤٥١ «وجاء».
(١٢) القتير : دخان فيه نار ، ورائحة الشيء المحترق.
(١٣) زاد اليونيني في ذيل مرآة الزمان ١ / ٧ : «ليلة الجمعة».