[مسير السلطان الناصر إلى مصر]
قلت : ثمّ سار السلطان الملك النّاصر يريد الدّيار المصريّة بإشارة نائبة شمس الدّين لؤلؤ وإلحاحه عليه ، وكان يستهزئ بعسكر مصر ويقول : آخذها بمائتي فارس (١). وكانت تأتيه كتب من مصر فساروا ، وتقدّم جمال الدّين ابن يغمور وسيف الدّين المشدّ ، وت [قدّم] (٢) الجيش ، وانفرد لؤلؤ وضياء الدّين القيمريّ ، وبرز الصّالحيّون ، فكان الملتقى في ذي القعدة عند الصّالحية (٣) في آخر الرمل ، فانكسرت الصّالحيّة ونهبت أثقالهم ، وانهزم طائفة منهم إلى الصّعيد (٤) ، وخطب في ذلك اليوم بالقاهرة وبقلعة مصر للملك النّاصر (٥) وبات جمال الدّين ابن يغمور تلك اللّيلة بالعبّاسة (٦) ، وأحمى الحمّام للسّلطان ، وهيّأ الإقامات. هذا ، والسّلطان ما عنده خبر من نصرته ، وهو واقف بسناجقه وخزائنه وخواصّه (٧).
[كسرة عسكر السلطان الناصر]
وأمّا الصّالحيّة فلمّا رأوا الكسرة ساق منهم عزّ الدّين أيبك التّركمانيّ الّذي تسلطن ، والفارس أقطاي في ثلاثمائة فارس هاربين طالبين الشّام ، فمرّوا في طريقهم بالشّمس لؤلؤ ، والضّياء القيمريّ ، فالتقوا على غير تعبئة ، فحمل عليهم لؤلؤ وحملوا عليه ، فظفروا به وأسروه ، وقتلوا ضياء الدّين ، ثمّ قتلوا
__________________
(١) في نهاية الأرب ٢٩ / ٣٧٧ «بمائتي قناع» ، أي امرأة ، وسيأتي ذلك قريبا ، ومثله في : المختار من تاريخ ابن الجزري ٢٢٥ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٤١.
(٢) في الأصل بياض مقدار كلمة ، والإضافة من : المختار من تاريخ ابن الجزري ٢٢٥.
(٣) في المختصر لأبي الفداء ٣ / ١٨٤ «بالقرب من العباسية».
(٤) أخبار الأيوبيين ١٦٢ ، نهاية الأرب ٢٩ / ٣٧٧ و ٤٢٠ ، عقد الجمان (١) ٤١.
(٥) نهاية الأرب ٢٩ / ٣٧٧ ، المختار من تاريخ ابن الجزري ٢٢٥.
(٦) العباسة : بليدة أول ما يلقى القاصد لمصر من الشام من الديار المصرية. (معجم البلدان ٤ / ٧٥). ووقع في تاريخ ابن الوردي ٢ / ١٨٦ «العباسية» ، وهو تصحيف ، وكذلك في : مرآة الجنان ٤ / ١١٨.
(٧) تاريخ ابن سباط ١ / ٣٥٨ ، المختار من تاريخ ابن الجزري ٢٢٥.