يوما : لو بقيت على دينك كان أصلح لأنّك تتمسّك بدين في الجملة (١). أمّا الآن فأنت مذبذب لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.
قال : وآخر أمره شنق بمصر ، وظهر له من الأموال والجواهر ما لا يوصف. فبلغني أنّ قيمة ما ظهر له ثلاثة آلاف ألف دينار. ووجد له عشرة آلاف مجلّد من الكتب النّفيسة.
قلت : وإليه تنسب المدرسة الأمينيّة ببعلبكّ (٢).
حبس بقلعة مصر مدّة ، فلمّا جاء الخبر الّذي لم يتمّ بأخذ الملك النّاصر صاحب الشّام الدّيار المصريّة كان السّامريّ في الجبّ هو وناصر الدّين بن يغمور أستاذ دار الصّالح إسماعيل ، وسيف الدّين القيمريّ والخوارزميّ ، صهر الملك النّاصر ، فخرجوا من الجبّ وعصوا في القلعة ، ولم يوافقهم القيمريّ ، بل جاء وقعد على باب الدّار الّتي فيها حرم عزّ الدّين أيبك التّركمانيّ وحماها. وأمّا أولئك فصاحوا بشعار الملك الصّالح ، ثمّ كانت الكرّة للتّرك الصّالحيّة ، فجاءوا وفتحوا القلعة وشنقوا أمين الدّولة وابن يغمور والخوارزميّ.
وقد ذكرنا في ترجمة القاضي الجيليّ (٣) بعض أخبار أمين الدّولة ، وهو أبو الحسن ابن غزال بن أبي سعيد ، ولمّا أسلم لقّب بكمال الدّين.
وكان المهذّب السّامريّ وزير الأمجد عمّه ، وكان أمين الدّولة ذكيّا ، فطنا ، واهيا ، شيطانا ، ماهرا في الطّبّ. عالج الأمجد واحتشم في أيّامه ، فلمّا تملك الصّالح إسماعيل بعلبكّ وزر له ودبّر مملكته ، فلمّا غلب على دمشق استقلّ بتدبير المملكة ، وحصّل لمخدومه أموالا عظيمة ، وعسف وظلم. ثمّ لمّا عجز الصّالح عن دمشق وتسلّمها نوّاب الصّالح نجم الدّين ، احتاطوا على أمين الدّولة واستصفوا أمواله ، وبعثوه إلى قلعة مصر فحبس بها خمس سنين. وأكثر هو وجماعة من أصحاب الصّالح.
__________________
(١) في المختار من تاريخ ابن الجزري ٢٢٨ «في الجهلة».
(٢) فهو أنشأها ووقف عليها. (المختار من تاريخ ابن الجزري) ، والدارس ٢ / ٢٨٥ ، ٢٨٦.
(٣) هو عبد العزيز بن عبد الواحد بن إسماعيل ، أبو حامد الملقّب رفيع الدين. تقدّمت ترجمته في وفيات سنة ٦٤٢ ه. برقم (١٠٤).