الأمير ركن الدّين بيبرس الكبير ، وبعث معه جاريته أمّ خليل شجر الدرّ ، فأنزل بقلعة الكرك بدار السّلطنة. وتقدّم النّاصر إلى أمّه وزوجته أن يقوما بخدمة الصّالح ، وبعث إليه يقول : إنّما فعلت هذا احتياطا لئلّا يصل إليك مكروه من أخيك أو عمّك ، ولو لم أنقلك إلى الكرك لقصداك (١).
ثمّ أمر شهاب الدّين ونجم الدّين ابني شيخ الإسلام بملازمة خدمة الصّالح ومؤانسته ، وهما من أخصّ أصحاب النّاصر ومن أجناده. وقد ولّي الشّهاب هذا تدريس الجاروخيّة (٢) بدمشق (٣). ولمّا تملّك الملك الصّالح ديار مصر قصداه فأكرمهما وقدّمهما ، واستناب شهاب الدّين على دار العدل. واستشهد نجم الدّين على دمياط (٤).
وكان أولاد النّاصر داود لا يزالان في خدمة الصّالح بالكرك ، ولم يفقد شيئا من الإكرام (٥).
ثمّ خيّر النّاصر أصحاب الصّالح بين إقامتهم عنده مكرمين وبين السّفر إلى أين أحبّوا ، فاختار أكثرهم المقام عنده ، فكان منهم البهاء زهير ، وشهاب الدّين ابن أبي سعد الدّين بن مكشبا (٦) ، وكان والده سعد الدّين ابن عمّة الملك الكامل. وأمّا الأستاذ دار حسام الدّين ابن أبي عليّ وزين الدّين أمير جندار فطلبا دمشق ، فأذن لهما ، فقدما على الصّالح إسماعيل ، فقبض على حسام الدّين وأخذ جميع ماله وقيّده ، وقيّد جماعة من أصحاب الصّالح نجم الدّين ، وبقوا في حبسه مدّة. ثم حوّل حسام الدّين إلى قلعة بعلبكّ وضيّق عليه (٧).
__________________
(١) مفرّج الكروب ٥ / ٢٣٩ ـ ٢٤١ باختصار.
(٢) انظر عن المدرسة الجاروخية في : الدارس في تاريخ المدارس ١ / ٢٢٥ ـ ٢٣٢.
(٣) مفرّج الكروب ٥ / ٢٤١.
(٤) مفرّج الكروب ٥ / ٢٤١ ، ٢٤٢.
(٥) مفرّج الكروب ٥ / ٢٤٢.
(٦) وفي مفرّج الكروب ٥ / ٢٤٢ «كمشبة» وهما سيّان.
(٧) مفرّج الكروب ٥ / ٢٤٣.