ثمّ سار إلى نحو نابلس ، وكان النّاصر داود بمصر ، فنزل بجيشه مدينة نابلس ثلاثة أشهر ، ولمّا لم يقع اتّفاق بين الصّالح وابن عمّه النّاصر ، ذهب النّاصر إلى مصر فتلقّاه العادل واتّفقا على محاربة الصّالح ، ووعده العادل بدمشق.
وتواترت على الصّالح كتب أمراء مصر يستدعونه لأنّه كان أمير من أخيه وأعظم وأخلق بالملك. وممّن كاتبه فخر الدّين ابن شيخ الشّيوخ ، فعلم به العادل فحبسه.
واستعمل الصّالح نوّابه على أعمال القدس ، وغزّة ، وإلى العريش. وجهّز عسكرا إلى غزّة ، وضربت خيمته على العوجا ، وعملوا الأزواد لدخول الرّمل ، وقدم عليه رسول الخلافة ابن الجوزيّ. وأرسل إلى الصّالح إسماعيل ليمضي معه إلى مصر ، فتعلّل واعتذر ، وسيّر إليه ولده الملك المنصور محمودا نائبا عنه ، ووعده بالمجيء ، وهو في الباطن عمّال على أخذ دمشق (١).
ودخلت سنة سبع وثلاثين فبرز العادل إلى بلبيس ، وأخذ ابن الجوزيّ في الإصلاح بين الأخوين على أن تكون دمشق وأعمالها للصّالح مع ما بيده من بلاد الشّرق ، ومصر للعادل. وكان مع ابن الجوزيّ ولده شرف الدّين شابّ ذكر كامل ، فتردّد في هذا المعنى بين الأخوين حتّى تقارب ما بين الأخوين لو لا [ما] حدث [من] العمّ إسماعيل (٢) ، فإنّه بقي يكاتب العادل ويقوّي عزمه ويقول : أنا آخذ دمشق نائبا لك. ثمّ حشد وجمع ، وأعانه صاحب حمص. ثمّ طلب ولده من الصّالح ، زعم ليستخلفه بعلبكّ ويقدم هو ، فنفّذه إليه ، ونفّذ ولده الملك المغيث ليحفظ قلعة دمشق ، ولم يكن معه عسكر (٣).
وأمّا صاحب حماة فأشفق على الصّالح وتحيّل في إرسال عسكر ليحفظ له
__________________
(١) انظر : مفرّج الكروب ٥ / ٢١٥ ، ٢١٦.
(٢) مفرّج الكروب ٥ / ٢١٩ والمستدرك منه ومن السياق.
(٣) مفرّج الكروب ٥ / ٢٢٠ و ٢٢٢.