قال : ولقد كان ـ قدّس الله روحه ـ مكاشفا لما في صدور خلق الله ممّا يضمرونه ، بحيث قد أطلعه الله على سرائر خلقه وأوليائه.
قلت : المكاشفة لما في ضمائر الصّدور قدر مشترك بين أولياء الله وبين الكهّان والمجانين. ولكنّ الشّيخ شهاب الدّين يتكلّم من وراء العافية ، ويحسن الظّنّ بالصّالحين والمجهولين ، والله يثيبه على حسن قصده وصدق أدبه مع أولي الأحوال ، ونحن فالله يثيبنا على مقاصدنا ، والله هو المطّلع على نيّاتنا ومرادنا ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
قال الله تعالى : (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ) (١) الآية ولله القائل (٢) :
دفّ ومزمار ونغمة شادن |
|
فمتى رأيت عبادة بملاهي |
يا لحرقة ما خسر دين محمد |
|
و (...) (٣) عليه وملّة إلّا هي |
ومن قول الحريريّ : الشّعر باب السرّ.
قل : بل باب الشرّ ، فإنّه ينسب النّفاق في القلب.
وقال عليهالسلام : لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا.
ونهى أصحابه عن غلق الباب وقت السّماع حتّى عن اليهود والنّصارى وقال : دار الضرب الّتي للسّلطان مفتوحة ، وضارب الزّغل يغلق بابه.
وقال : لو اعتقدت أنّي تركت الخمر لعدت إليها.
وله من هذا الهذيان شيء كثير.
وذكر النّسّابة في «تعاليقه» قال : وفي سنة ثمان وعشرين وستمائة أمر الصّالح بطلب الحريريّ فهرب إلى بسر ، وسببه أنّ ابن الصّلاح ، وابن
__________________
(١) سورة الأنعام ، الآية ١٢١.
(٢) هكذا في الأصل ، والمشهور أن يقال : «ولله درّ القائل».
(٣) في الأصل بياض مقدار كلمة.