إن كنت أقجيّ تقدّم وإن كنت رمّاح انتبه |
|
وإن كنت حشوا لمخدّة أخرج وردّ الباب |
أودّ اشتهي قبل موتي أعشق ولو صورة حجر |
|
أنا ممثّكل محيّر والعشق بي مشغول |
وقال النّجم بن إسرائيل : قال لي الشّيخ مرّة : ما معنى قوله تعالى : (كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ) (١) فقلت : سيّدي يقول وأنا أسمع. قال : ويحك من الموقد ومن المطفئ؟ لا تسمع لله كلاما إلّا منك فيك.
قلت : ومن أين لي؟ قال : تمحو آنيتك.
وقال : لو ذبحت بيدي سبعين نبيّا ما اعتقدت أنّي مخطئ. يعني لو ذبحتهم لفعلت ما أراده الله منّي ، إذ لا يقع شيء في الكون إلّا بإذنه سبحانه وتعالى.
قلت : وطرد ذلك أنّ الله تعالى أراد منّا أن نلعن قتلة الأنبياء عليهمالسلام ، ونبرأ منهم ، ونعتقد أنّهم أصحاب النّار ، وأن نلعن الزّنادقة ، ونضرب أعناقهم ، وإلّا فلأيّ شيء خلقت جهنّم ، واشتدّ غضب الله على من قتل نبيّا ، فكيف بمن يقتل نبيّا ، والله تعالى يحبّ الأبرار ، ويبغض الفجّار ، ويخلّدهم في النّار ، مع كونه أراد إيجاد الكفر والإيمان فهو (...) (٢) الشّيء ، فإنّه لا يكون إلّا ما يريد. ولكنّه لا يرضى حيازة الكفر ولا يحبّه ، نعم يريده ولا يسأل عمّا يفعل ، ولا يعترض عليه ، فإنّه أحكم الحاكمين ، وأرحم الراحمين ، لا يخلق شيئا إلّا لحكمة ، لكنّ عقولنا قاصرة عن إدراك حكمته ، فالخلق ملكه ، والأمر أمره لا معقّب لحكمه ، يخلّد الكفّار في النّار بعدله وحكمته ، ويخلّد الأبرار في الجنّة بفضله ورحمته. فجميع ما يقع في الوجود فبأمره وحكمته ، وعدم علمنا بمعرفة حكمته لا يدلّ على أنّه يخلق شيئا بلا حكمة تعالى الله عن ذلك (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) (٣).
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية ٦٤.
(٢) في الأصل بياض مقدار كلمة.
(٣) سورة المؤمنون ، الآية ١١٥.