وممّن أفتى بأنّ كتابه «الفصوص» فيه الكفر الأكبر قاضي القضاة بدر الدّين ابن جماعة ، وقاضي القضاة سعد الدّين الحارثيّ ، والعلّامة ركن الدّين عمر بن أبي الحرم الكتّانيّ ، وجماعة سواهم.
وأمّا الحريريّ فكان متهتّكا ، قد ألقى جلباب الحياء ، وشطح حتّى افتضح ، واشتهر مروقه واتّضح. وأبلغ ما يقوله في هؤلاء (...) (١) العلماء أنّ لكلامهم معاني وراء ما نفهمه نحن ، مع اعترافهم بأنّ هذا الكلام من حيث الخطاب العريّ كفر وإلحاد ، لا يخالف في ذلك عاقل منهم إلّا من عاند وكابر.
فخذ ما قاله الحريريّ في «جزء مجموع كلامه» يتداوله أصحابه بينهم قال : إذا دخل مريدي بلد الرّوم ، وتنصّر ، وأكل لحم الخنزير ، وشرب الخمر كان في شغلي.
وسأله رجل : أيّ الطّرق أقرب إلى الله حتّى أسير فيه؟ فقال له : اترك السّير قد وصلت! قلت : هذا مثل قول العفيف التّلمسانيّ :
فلسوف تعلم أنّ سيرك لم يكن |
|
إلّا إليك إذا بلغت المنزلا |
وقال لأصحابه : بايعوني على أن نموت يهود ، ونحشر إلى النّار حتّى لا يصاحبني أحد لعلّة.
وقال : ما يحسن بالفقير أن ينهزم من شيء ، ويحسن به إذا خاف شيئا قصده.
وقال : لو قدم عليّ من قتل ولدي وهو بذلك طيّب وجدني أطيب منه.
وللحريريّ في الجزء المذكور :
أمرد يقدّم مداسي أخير من رضوانكم |
|
وربع قحبة عندي أحسن من الولدان |
قالوا :
أنت تدعى صالح ودع عنك هذا الخندق |
|
قلت : السّماع يصلح لي بالشّمع والمردان |
ما أعرف لآدم طاعة إلّا سجود الملائكة |
|
وما أعرف آدم عصى الله تعظيم للرحمن |
__________________
(١) بياض في الأصل مقدار كلمة.