[تحرّك التتار]
وفيها ورد كتاب [بدر] (١) الدّين صاحب الموصل يقول فيه : إنّني قررت على أهل الشّام قطيعة في كلّ سنة عشرة دراهم على الغنيّ ، وعلى الوسط خمسة دراهم ، وعلى الفقير درهما (٢). وقرأ القاضي محيي الدّين ابن الزّكيّ الكتاب على النّاس وشرعوا في الجباية (٣).
قلت (٤) : أظنّ هذا مصالحة عنهم للتّتار ، فإنّ سعد الدّين ذكر في تاريخه أنّ في آخر سنة إحدى وأربعين وصل رسول قاءان إلى صاحب ميّافارقين يطلب الدّخول في طاعته ، وأن في المحرّم سنة اثنتين جهّز صاحب ميّافارقين رسل التّتار بهديّة عظيمة. وأنّ في أواخر المحرّم أخذت التّتار خلاط وعبروا إلى بدليس (٥) ، كانت مع الملك المظفّر ، إلى حصن كيفا. ثمّ أنفذ إلى ميّافارقين جهّز أمّه وزوجته وما خفّ معهما من جواهر ومصالح ، فطلعوا إلى حصن كيفا عند المعظّم ولد الملك الكامل. وطلب المظفّر ولده الملك السّعيد ، وكان شابّا مليحا ، شجاعا ، كريما فقال : تعود إلى ميّافارقين وتجمع النّاس والعسكر لقتال التّتار ، وأنا فأمضي إلى مصر أو إلى بغداد لجمع الجيوش واستنفار النّاس. فأبى وقال : ما أفارق خدمة السّلطان. فضربه ابن عمّه بسكّين قتله وقتلوه بعده في الحال.
ثمّ سار المظفّر وأنا معه إلى نصيبين ثمّ إلى ماكسين ، وأخذنا على بلاد الخابور. ثمّ سرنا إلى عانة ، ثم عدّينا إلى الجانب الغربيّ فوصلتنا إقامة الخليفة.
__________________
= دول الإسلام ٢ / ١٤٨.
(١) في الأصل بياض ، والمستدرك من (مفرّج الكروب ٥ / ٣٤٩) ، والمختار من تاريخ ابن الجزري ١٩٢.
(٢) في الأصل : «درهم».
(٣) المختار من تاريخ ابن الجزري ١٩٢ ، مرآة الزمان ج ٨ ق ٢ / ٧٤٥ ، السلوك ج ١ ق ٢ / ٣١٥ و ٣٢٠.
(٤) القائل هو شمس الدين ابن الجزري ، وعنه ينقل المؤلّف ـ رحمهالله ـ.
(٥) بدليس : بالفتح ثم السكون ، وكسر اللام ، وياء ساكنة وسين مهملة. بلدة من نواحي أرمينية قرب خلاط. (معجم البلدان ١ / ٣٥٨).