كاسات الخمر يسقون الفرنج ، فأقبلت الخوارزميّة والمصريّون ، فكانت الوقعة بين عسقلان وغزّة ، وكانت الفرنج في الميمنة ، وعسكر النّاصر في الميسرة ، والملك المنصور في القلب ، وكان يوما مشهودا. التقوا فانهزمت الميسرة وأسر الظّهيريّ سنقر ، وانهزم الوزيريّ ، ونهبت خزانة الظّهيريّ. ثمّ انهزم الملك المنصور ، وأحاطت الخوارزميّة بالفرنج. وكان عسكر المصريّين قد انهزموا أيضا إلى قريب العريش (١). وكان عدد الفرنج يومئذ ألفا وخمسمائة فارس وعشرة آلاف راجل ، وما كانت إلّا ساعة حتّى حصدهم الخوارزميّون بالسّيوف وأسروا منهم ثمانمائة (٢).
قال أبو المظفّر (٣) : فذهبت ثاني يوم إلى موضع المصافّ فوجدتهم يعدّون القتلى فقالوا : هم زيادة على ثلاثين ألفا. وبعث الخوارزميّون بالأسارى وبالرءوس إلى مصر. ووصل المنصور في نفر يسير ونهبت خزائنه وخيله ، وقتل أصحابه ، وجعل يبكي ويقول : قد علمت إنّا لمّا سرنا تحت صلبان الفرنج أننا لا نفلح (٤).
ثمّ حضّ الملك الصّالح معين الدّين ابن الشّيخ في العساكر لحصار دمشق (٥) ، ودخلت الأسارى القاهرة وملئت الحبوس بهم (٦).
وخذل الصّالح إسماعيل وأخذ يتهيّأ للحصار ، وخرّب رباعا عظيمة حول البلد ، والله المستعان (٧).
__________________
(١) نهاية الأرب ٢٩ / ٣٠٦.
(٢) انظر : مفرّج الكروب ٥ / ٣٣٦ ، ٣٣٧ ، المختصر في أخبار البشر ٣ / ١٧٢ ، أخبار الأيوبيين ١٥٤ ، ١٥٥ ، الدر المطلوب ٣٥٣ ، العبر ٥ / ١٧١ ، دول الإسلام ٢ / ١٤٧ ، المختار من تاريخ ابن الجزري ١٨٩ ، ١٩٠ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ١٧٤ ، مرآة الجنان ٤ / ١٠٥ ، البداية والنهاية ١٣ / ١٦٤ ، ١٦٥ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٣٥٨ ، السلوك ج ١ ق ٢ / ٣١٦ ، ٣١٧ ، تاريخ ابن سباط ١ / ٣٣١ ، تاريخ الأزمنة للدويهي ٢٢٢.
(٣) في مرآة الزمان ج ٨ ق ٢ / ٧٤٦ ، ٧٤٧.
(٤) نهاية الأرب ٢٩ / ٣٠٦ ، ٣٠٧ ، مفرّج الكروب ٥ / ٣٣٨ ، ٣٣٩ ، دول الإسلام ٢ / ١٤٨ ، المختار من تاريخ ابن الجزري ١٩٠.
(٥) نهاية الأرب ٢٩ / ٣١٠ ، المختار من تاريخ ابن الجزري ١٩١.
(٦) حتى هنا في : مرآة الزمان ج ٨ ق ٢ / ٧٤٧ ، تاريخ ابن سباط ١ / ٣٣١.
(٧) المختصر في أخبار البشر ٣ / ١٧٢ ، ١٧٣ ، أخبار الأيوبيين ١٥٥ ، تاريخ ابن سباط ١ / ٣٣٢ ،