الطّريق (١) ، ونفّذ إليه عزّ الدّين أيبك يقول : أخرج الأموال ، وأنفق في مماليك أبيك ، والعوامّ معك ، وتملك البلد ، ويبقوا محصورين في القلعة ، فلم يصر حال ، فأصبحوا واجتمعوا في القلعة ، وذكروا النّاصر وذكروا الجواد ، فكان أضرّ ما على النّاصر عماد الدّين ابن الشيخ ، لأنّه كان يتمّ في مجالس الكامل مباحثات ، فيخطّئه النّاصر ويستجهله ، فحقد عليه ، وكان أخوه فخر الدّين يميل إلى النّاصر ، فأشار عماد الدّين بالجواد فوافقه الباقون. وأرسلوا أميرا إلى النّاصر داود في الحال ، فقال : أيش قعودك في بلد القوم؟ فقام وركب وازدحم النّاس من بابه إلى القلعة ، وما شكّوا أنّه تسلطن ، وساق ، فلمّا تعدّى مدرسة العماد الكاتب ، وخرج من باب الزّقاق ، انعطف إلى باب الفرج (٢) ، فصاحت النّاس : لا ، لا ، لا ، وانقلب البلد ، فذهب إلى القابون ، ووقع بعض الأمراء في النّاس بالدّبابيس ، فهربوا ، وسلطنوا الجواد ، وفتح الخزائن وبذل الأموال.
قال أبو المظفّر ابن الجوزيّ (٣) : فبلغني أنّه فرّق ستمائة ألف دينار ، وخلع خمسة آلاف خلعة (٤).
[افتقار النّاصر داود]
وقال سعد الدّين بن حمّويه : بلغت النّفقة تسعمائة ألف دينار وضيّعوا الخزائن ، وأساءوا التّدبير. وكانت النّفقة في الطّواشي عشرين دينارا ، وثلاثين دينارا ، وللأمير نصف ما لأجناده. وبطّلت الخمور والقحاب والمكوس ، وهمّوا
__________________
(١) في المختار من تاريخ ابن الجزري ـ بخط المؤلّف ـ رحمهالله : «فجاءه الركني والهيجاري في الليل وبينا له وجه الصواب» ، ومثله في المرآة.
(٢) في المختار من تاريخ ابن الجزري ـ بخط المؤلّف ـ رحمهالله : «الفرح» وهو خطأ.
(٣) علّق محققو المطبوع من (تاريخ الإسلام) (الطبقة الرابعة والستون) ـ ص ١٨ في الحاشية رقم (٣) بقولهم : (لم نجد هذا النص في المطبوع من «المرآة»).
ويقول الخادم العلم وطالبه محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
بلى قد ذكر سبط ابن الجوزي نصّ هذا الخبر في «المرآة» وهو في المطبوع منه ج ٨ ق ٢ / ٧٠٧ ، ٧٠٨ وفيه : «فرّق ستة آلاف ألف دينار».
(٤) وزاد السبط : «وبطل المكوس والخمور ، ونفى الخواطئ». والخبر في : المختار من تاريخ ابن الجزري ١٦٩ ، ١٧٠.