[حصار دمشق]
ثمّ جاء عسكر الكامل صاحب مصر إلى قريب دمشق ، فحصّنها أبو الخيش ، وقسم الأبرجة على الأمراء. وجاء عزّ الدّين أيبك من صرخد ، فأمر بفتح الأبواب. وجاء لأجل الكامل النّاصر داود صاحب الكرك فنزل المزّة ، ونزل مجير الدّين ، وتقيّ الدّين ابنا العادل بالقابون ، وقدم الكامل ، فنزل عند مسجد القدم ، وقطعت المياه عن المدينة ، ووقع الحصار ، وغلت الأسعار ، وسدّ أكثر أبواب البلد. وردّ الكامل ماء بردي إلى ثوري وغيره. وأحرق أبو الخيش العقيبة والطّواحين لئلّا يحتمي المصريّون. وزحف النّاصر داود إلى باب توماء ، ووصلت النّقوب ، ولم يبق إلّا فتح البلد. ثمّ تأخّر النّاصر إلى وطاة برزة ، جاءه أمر الكامل بذلك لئلّا يفتح البلد على يده ، وأحرق قصر حجّاج والشاغور ، وتعثّر النّاس وتمّت قبائح.
ثمّ آل الأمر إلى أن أعطى الصّالح إسماعيل بعلبكّ وبصرى ، وأخذت منه دمشق. ودخل الكامل القلعة في نصف جمادى الأولى وما هنّأه الله بها ، بل مات بعد شهرين بدمشق. فبهت الخلق ولم يتحزّنوا عليه لجبروته (١).
[الوقعة بين النّاصر صاحب الكرك والجواد صاحب دمشق]
ثمّ اجتمع عزّ الدّين أيبك ، وسيف الدّين عليّ بن قليج ، وعماد الدّين وفخر الدّين ابنا شيخ الشّيوخ ، والركن الهكّاريّ (٢) ، وتشاوروا ، فانفصلوا على غير شيء. وكان النّاصر داود بدار سامة ، فجاءه الركن الهكّاريّ فبيّن له
__________________
(١) انظر خبر الحصار في : زبدة الحلب ٣ / ٢٣٣ ـ ٢٣٥ ، ومفرّج الكروب ٥ / ١٥٠ ـ ١٥٣ ، ومرآة الزمان ج ٨ ق ٢ / ٧١٧ ، وتاريخ المسلمين لابن العميد ١٤٣ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ١٦٠ ، والدرّ المطلوب ٣٢٥ ، ونهاية الأرب ٢٩ / ٢٢٤ ـ ٢٢٦ ، ودول الإسلام ٢ / ١٣٩ ، والمختار من تاريخ ابن الجزري ١٦٨ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ١٦٥ ، ومرآة الجنان ٤ / ٨٧ ، والبداية والنهاية ١٣ / ١٤٨ ، وتاريخ ابن خلدون ٥ / ٣٥٥ ، ومآثر الإنافة ٢ / ٨٠٢ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٢٥٦ ، ٢٥٧ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٣١٢ ، ٣١٣.
(٢) في المختار من تاريخ ابن الجزري ـ بخط المؤلّف ـ رحمهالله : «الهيجاري» ، وكذا في المرآة.