[ضرب دراهم بأمر المستنصر بالله]
وفيها جلس الوزير نصير الدّين بن النّاقد ، واستحضر الولاة والتّجار والصّيارف ، ثمّ فرشت الأنطاع ، وأفرغ عليها الدّراهم التي ضربت بأمر المستنصر بالله ، فقام الوزير والدّولة خدمة لرؤيتها ، ثمّ قال : قد رسم مولانا أمير المؤمنين بمعاملتكم بهذه الدّراهم عوضا عن قراضة الذّهب ، رفقا بكم ، وإنقاذا لكم من التّعامل بالحرام من الصّرف الرّبويّ ، فأعلنوا بالدّعاء والطّاعة. ثمّ سعّرت كلّ عشرة بدينار إماميّ ، وأديرت بالعراق ، فقال الموفّق أبو المعالي القاسم بن أبي الحديد :
لا عدمنا جميل رأيك فينا |
|
أنت باعدتنا عن التّطفيف |
ورسمت اللّجين حتّى ألفناه |
|
، وما كان قبل بالمألوف |
ليس للجمع كان منعك للصّرف |
|
، ولكن للعدل والتّعريف (١) |
[وقعة أهل سبتة مع الفرنج]
وفي ربيع الأوّل كانت وقعة أهل سبتة مع الفرنج ، وذلك أنّ متولّيها الينشتيّ (٢) كان قد بالغ في تألّفهم ، فكانوا يأتون بالتّجارات ، فكثروا إلى الغاية بسبتة بحيث إنّهم صاروا بها أكثر من أهلها ، فطمعت الفرنج وراموا تملّك البلد وأعملوا الحيلة. وكان لأبي العبّاس الينشتيّ ابنان : أحدهما قائد البحر ، والآخر قائد البرّ. فخرج قائد البرّ نوبة بجيشه لأخذ الخراج من القبائل ، فعزم الملاعين على أمرهم ، ولبسوا أسلحتهم وخرجوا ، فطلبوا من سقّاء ماء ، فأبى ، فقتلوه ، وشرعوا في القتال. وثار المسلمون إليهم ، والتحم الحرب ، فقتلوا من أهل
__________________
(١) انظر خبر الدراهم في : الحوادث الجامعة ٤٠ ، ٤١ (دون ذكر الأبيات) ، والمختار من تاريخ ابن الجزري ١٥٧ ، ١٥٨ ، والعسجد المسبوك ٢ / ٤٧٥ وفيه البيتان : الأوّل والثالث ، وتاريخ الخلفاء ٤٢٥ ، ٤٢٦ ، وشذرات الذهب ٥ / ١٤٧ ـ ١٤٨.
وفي المختار من تاريخ ابن الجزري ، والعسجد المسبوك أبيات أخرى للقاضي محمد بن أبي الفضل الفقيه الحنفي.
(٢) الينشتيّ : نسبة إلى ينشتة من أعمال بلنسية.