منه وتاب إليه»(١).
وقد سأل رجلٌ أمير المؤمنين عليه السلام : «كيف يحاسب نفسه؟».
قال : «إذا أصبح ثمّ أمسى رجع إلى نفسه ، وقال : يا نفسي ، إنّ هذا يوم مضى عليك لا يعود إليك أبداً ، والله يسألك عنه بما أفنيته ... فيذكر ما كان منه ، فإنْ ذكر أنّه جرى منه خير حمد الله وكبّره على توفيقه ، وإنْ ذكر معصيةً أو تقصيراً استغفر الله وعزم على ترك معاودته»(٢).
ومن هنا ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : «من حاسب نفسه ربح ، ومن غفل عنها خسر»(٣) ؛ لأنّه إذا حاسب فسوف لا تزيد سيئاته على حسناته ، بل بالعكس ؛ لأنّ من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ، فيكون رابحاً غير خاسر ، بل إنّه سيزداد في كلّ يوم خيراً فيكون من خير النّاس وأقربهم إلى الله عزّ وجلّ.
ولذا كان الإمام علي بن الحسين عليه السلام يقول : «ابن آدم ، إنّك لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك ، وما كانت المحاسبة من همّك ...»(٤).
هذا ، ومن النّاس من يقضي شطراً من عمره في اللاّمبالاة على أمل أنْ يصلح حاله في مستقبل أيّامه ، إلاّ أنّ الإمام عليه السلام يحذّره من هذا التفكير ، فيقول : «إذا أتت على الرجل أربعون سنة قيل له : خذ حذرك فإنّك غير معذور ، وليس ابن الأربعين أحقّ بالحذر من ابن العشرين ، فإنّ
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٦/٩٥ ح ٢١٠٧٤.
(٢) وسائل الشيعة ١٦/٩٨ ح ٢١٠٨١.
(٣) وسائل الشيعة ١٦/٩٧ ح ٢١٠٧٩.
(٤) وسائل الشيعة ١٦/٩٦ ح ٢١٠٧٦.