قال : فزفر (١) الصادق عليهالسلام زفرة انتفخ منها جوفه ، اشتدّ منها خوفه فقال :
«ويكم (٢)! إنّي نظرت صبيحة هذا اليوم في كتاب الجفر المشتمل على علم البلايا والمنايا ، وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، الذي خصّ الله تقدّس اسمه به محمّـداً والأئمّة من بعده عليهمالسلام ، وتأمّلت فيه مولد قائمنا عليهالسلام وغيبته وإبطاءه وطول عمره وبلوى المؤمنين (من) بعده في ذلك الزمان ، وتولّد الشكوك في قلوب الشيعة من طول غيبته ، وارتداد أكثرهم عن دينه ، وخلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم التي قال الله عزّ وجلّ : (وَكُلَّ إِنسَان أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) (٣) ، يعني الولاية ، فأخذتني الرقّة واستولت عليّ الأحزان».
فقلنا : يا ابن رسول الله! كرِّمنا وفضِّلنا بإشراكك إيّانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك.
قال : «إنّ الله ـ تعالى ذكره ـ أدار في القائم منّا ثلاثة أدراها لثلاثة من الرسل قدَّر مولده تقدير مولد موسى عليهالسلام ، وقدّر غيبته تقدير غيبة عيسى عليهالسلام ، وقدّر إبطاءه تقدير إبطاء نوح عليهالسلام ، وجعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح ـ أعني الخضر عليهالسلام ـ دليلا على عمره».
فقلنا : اكشف لنا يا ابن رسول الله عن وجوه هذه المعاني.
قال : «أمّا مولد موسى عليهالسلام فإنّ فرعون لمّا وقف على أنّ زوال ملكه
__________________
(١) الزفرة : التنفّس (لسان العرب).
(٢) ويكم : مخفّف (ويحكم) وهو زجر للمشرف على الهلكة (من هامش نسخة الأصل من الغيبة).
(٣) سورة الإسراء ١٧ : ١٣.