يعبدوها أيضاً عندهم وفي قدرتهم ..
ثمّ فتحت كرمان على عهد عثمان بن عفّان رضياللهعنه ، فلم يظهر لأحد منهم من ذلك الزمان إلى هذا الزمان ما يوجب لهم اسم نحلة وعقد ولا اسم ذمّة وعهد ، ولم يكن في جبالهم التي هي مأواهم بيت نار ولا فهر يهود ولا بيعة نصارى ولا مصلّى مسلم إلاّ ما عساه بناه في جبالهم الغزاة لهم ، وأخبرني مخبر أنّه أخرج من جبالهم الأصنام ولم أتحقّقه.
قال الرُّهني : وإنّي وجدت الرحمة في الإنسان وإن تفاوت أهلها فيها فليس أحد منهم يعرى من شيء منها ، فكأنّها خارجة من الحدود التي يميّز بها الإنسان من جميع الحيوان كالعقل والنطق اللذين جعلا سبباً للأمر والزجر ولأنّ الرحمة وإن كانت من نتائج قلب ذي الرحمة ولذلك في هذه الخلّة التي كأنّها في الإنسان صفة لازمة كالضحك ، فلم أجد في القفس منها قليلاً ولا كثيراً ، فلو أخرجناهم بذلك عن حدّ من حدود الإنسان لكان جائزاً ..
ولو جعلناهم من جنس ما يُصاد ويُرمى لا من جنس ما يُغزى ويُدعى ويؤمر ويُنهى إذا ما كان على ما بان لنا وظهر وانكشف وشهر أنّه لم يصلح إلى سياسة سائس ولا دعوة داع وهداية هاد ولم يعلق بقلوبهم ما يعلق بقلوب من هو مختار للخير والشر والإيمان والكفر كأنّ السبع الذي يقتل في الحرم والحلّ وفي السرق والأمن ولا يستبقى للاستصلاح والاستحيـاء للإصلاح أشبه منه بالإنسان الّذي يرجى منه الارعواء عن الجهالة والانتقال من حالة إلى حالة.
قال : وولد مالك بن فهم ثمانية : فراهيـد والخمام والهناءة ونوى والحارث ومعن وسليمة وجذيمة الأبرش بنو مالك بن فهم بن غنم بن