لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١) فمن عنى بقوله (يس)؟ قالت العلماء : (يس) محمدصلىاللهعليهوآله لم يشك فيه أحد.
قال أبو الحسن عليهالسلام : إن الله تعالى أعطى محمدا وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلّا من عقله وذلك انّ الله عزوجل لم يسلم على أحد إلّا على الأنبياء عليهمالسلام فقال تعالى : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) (٢) وقال : (سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ) (٣) وقال : (سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ) (٤) ولم يقل سلام على آل نوح ولم يقل سلام على آل موسى ولا على آل إبراهيم وقال : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) (٥) يعني آل محمد صلىاللهعليهوآله» فقال المأمون : قد علمت أن في معدن النبوة شرح هذا وبيانه ، وهذه السابعة.
فأما الثامنة فقول الله : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ) (٦) فقرن سهم ذي القربى مع سهمه وسهم رسول الله صلىاللهعليهوآله فهذا فصل أيضا بين الآل والامة لأنّ الله تعالى جعلهم في حيز وجعل الناس في حيز دون ذلك ورضي لهم ما رضي لنفسه واصطفاهم فيه فبدأ بنفسه ثم برسوله ثم بذي القربى وكل ما كان من الفيء والغنيمة وغير ذلك مما رضيه عزوجل لنفسه ورضيه لهم فقال وقوله الحق : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) فهذا تأكيد مؤكد وأثر قائم لهم إلى يوم القيامة في كتاب الله الناطق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وأما قوله : (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ) فإن اليتيم إذ انقطع يتمه خرج من الغنائم ولم يكن له فيها نصيب وكذلك المسكين إذا انقطعت مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم ولا يحلّ له أخذه ، وسهم ذي القربى قائم إلى يوم القيامة فيهم للغني والفقير منهم لأنه لا أحد أغنى من الله عزوجل ولا من رسول الله فجعل لنفسه منهما سهما ولرسوله سهما فما رضيه لنفسه ولرسوله رضيه لهم وكذلك الفيء ما رضيه منه لنفسه ولنبيّه رضيه لذي القربى ، كما اجراهم في الغنيمة فبدأ بنفسه جلّ جلاله ثم برسوله ثم بهم وقرن سهمهم بسهم الله وسهم رسوله وكذلك في الطاعة قال الله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٧) فبدأ بنفسه ثم برسوله ثم باهل بيته
__________________
(١) يس : ١ ـ ٤.
(٢) الصافات : ٧٩.
(٣) الصافات : ١٠٩.
(٤) الصافات : ١٢٠.
(٥) الصافات : ١٣٠.
(٦) الأنفال : ٤١.
(٧) النساء : ٥٩.