هذا؟ وعن من ترويه؟ وممّن سمعته ، أبوك حدّثك بهذا وعنه أخذت؟
فقال له قيس بن سعد : أخذته عن من هو خير من أبي وأعظم عليّ حقّا من أبي.
قال : من هو؟
قال : عليّ بن أبي طالب عليهالسلام أخذته من عالم هذه الأمّة وربّانيها وصديقها وفاروقها الذي أنزل الله فيه ما أنزل (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) ، فلم يدع آية نزلت فيه إلّا ذكرها ، فقال معاوية : إنّ صدّيقها أبو بكر وفاروقها عمر والذي عنده علم الكتاب عبد الله بن سلام ، قال قيس : أحق بهذه الأسماء وأولى بها الذي أنزل الله فيه (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) الذي أنزل الله فيه (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) والذي نصبه رسول الله بغدير خم ، فقال : من كنت أولى به من نفسه فعليّ أولى به من نفسه وقال في غزوة تبوك : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي الحديث. (١)
الثامن والأربعون : ابن بابويه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصّفار عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن الحسين بن علوان عن الأعمش عن عباية الاسدي قال : كان عبد الله بن العبّاس جالسا على شفير زمزم يحدّث الناس فلمّا فرغ من حديثه أتاه رجل فسلم عليه ، ثمّ قال : يا عبد الله إنّي رجل من أهل الشّام ، فقال : أعوان كلّ ظالم إلّا من عصم الله منكم سل عمّا بدا لك ، فقال : يا عبد الله بن عبّاس إنّي أسألك عن من قتله عليّ بن أبي طالب من أهل لا إله إلّا الله لم يكفروا بصلاة ولا بحجّ ولا بصوم شهر رمضان ولا بزكاة؟
فقال له عبد الله : ثكلتك أمّك سل عمّا يعنيك ودع ما لا يغنيك ، فقال : ما جئتك أضرب إليك من حمص للحجّ ولا للعمرة ولكن أتيتك للشّرح في أمر عليّ بن أبي طالب وفعاله ، فقال له : ويلك إن علم العالم صعب ولا يحتمله ولا تقربه القلوب الصدئة ، أخبرك : أنّ عليّ بن أبي طالب عليهالسلام كان مثله في هذه الأمّة كمثل موسى والعالم عليهماالسلام وذلك أنّ الله تبارك وتعالى قال في كتابه : (يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) فكان موسى عليهالسلام يرى أنّ جميع الأشياء تثبت له كما ترون أنتم ، وأن علمائكم قد اثبتوا جميع الأشياء ، فلمّا انتهى موسى ساحل البحر فلقي العالم فاستنطق موسى ليصل علمه ولا يحسده كما حسدتم أنتم عليّ بن أبي طالب فأنكرتم فضله ، فقال
__________________
(١) كتاب سليم بن قيس ٣١١ ـ ٣١٤.