الإمام ، وعارضا عليه تجديد الإسلام ، أو الاستعداد للمصافّ ، والرجوع إلى حكم الاستئناف. وكان بالرّيّ ، فزلف المملوك إليه في كتيبة شهباء من جنود الإسلام ، مقنعة بالزّرد المحبوك ، محتفّ بالملائكة ، محفوفة بالملوك ، يتألّق حديدها ، ويتنمّر أسودها ، وهي كالجبل العظيم ، واللّيل البهيم ، خلفها السّباع والذّفريان وفوقها النّسور والعقبان ، وبين يديها شخص المنون عريان ، إلى أن وافت ذلك المخذول ، وهو في جيش يعجز الإحصاء ، ويضيق عنه الفضاء ، فصبّ الله عليهم الخذلان ، لمّا تراءى الجمعان ، وبرز الكفر إلى الإيمان ، فتلا المملوك : (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ) (١)».
إلى أن قال : «وأنفذ الله حكمه في الطّاغية ، وعجّل بروحه إلى الهاوية ، وملك المملوك بلادهم».
[التجاء خوارزم شاه إلى الجبال]
قال ابن الأثير (٢) : وكان الخليفة قد سيّر نجدة لخوارزم شاه ، وسيّر له مع وزيره ابن القصّاب خلع السّلطنة ، فنزل على فرسخ من همذان ، فأرسل إليه خوارزم شاه بعد الوقعة يطلبه إليه ، فقال مؤيّد الدّين ابن القصّاب : ينبغي أن تحضر أنت وتلبس خلعة أمير المؤمنين من خيمتي. وتردّدت الرّسل بينهما ، فقيل لخوارزم شاه. إنّها حيلة على القبض عليك. فرحل خوارزم شاه ليأخذه ، فاندفع بين يديه ، والتجأ إلى بعض الجبال ، فامتنع به.
[ولاية الأستاذ دارية]
وفيها عزل أبو المظفّر عبيد الله بن يونس من الأستاذ داريّة ، وحبس إلى أن مات ، وولي مكانه تاج الدّين أبو الفتح بن رزين.
__________________
(١) سورة التوبة ، الآية ١٤.
(٢) في الكامل ١٢ / ١٠٨.