الأنور ، الأمير الأجلّ المجاهد شمس الدّين أبو الحرم عبد الرحمن بن منقذ ، الهديّة إليه ختمة في ربعة ، وثلاثمائة مثقال مسك ، وستّمائة حبّة عنبر ، عشرة منارهن بلسان مائة درهم ، مائة فؤوس بأوتارها ، عشرون سرجا ، عشرون سيفا ، سبعمائة سهم.
وكان دخوله على يعقوب في العشرين من ذي الحجّة بمرّاكش ، فأقام سنة وعشرين يوما ، وخرج وقدم الإسكندريّة في جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين ، ولم يحصل الغرض ، لأنّه عزّ على يعقوب كونه لم يخاطب بأمير المؤمنين.
وقد مدحه ابن منقذ بقصيدة منها :
سأشكر بحرا ذا عباب قطعته |
|
إلى بحر جود ما لنعماه ساحل |
إلى معدن التّقوى إلى كعبة الهدى |
|
إلى من سمت بالذّكر منه الأوائل |
وكان السّلطان صلاح الدّين قد همّ بأن يكتب إليه بأمير المؤمنين ، فكتب إلى السّلطان القاضي الفاضل يقول : «والمملوك ليس عند المولى من أهل الاتّهام ، والهديّة المغربيّة نجزت كما أمر». وكتب الكتاب على ما مثّل ، وفخّم الوصف فوق العادة.
وعند وصول الأمير نجم الدّين فاوضته في أنّه لا يمكن إلّا التّعريض لا التّصريح بما وقع له أنّه لا تنجح الحاجة إلّا به من لفظة أمير المؤمنين ، وأنّ الّذي أشاروا بهذا ما قالوا نقلا ، ولا عرفوا مكاتبة المصريّين قديما. وآخر ما كتب في أيّام الصّالح بن رزّيك ، فخوطب به أكبر أولاد عبد المؤمن ووليّ عهده بالأمير الأصيل النّجار ، الجسيم الفخار. وعادت الأجوبة إلى ابن رزّيك الّذي في أتباع مولانا مائة مثله ، مترجمة بمعظّم أمره ، وملتزم شكره. هذا والصّالح يتوقّع أن يأخذ ابن عبد المؤمن البلاد من يديه ، ما هو أن يهرب مملوكان طريدان منّا فيستوليان على أطراف بلاده ، ويصل المشار إليه بالأمر من مرّاكش إلى القيروان ، فيلقاهم فيكسر مرّة ويتماسك أخرى. وأعلم نجم الدّين بذلك ، فأمسك مقدار عشرة أيّام. ثمّ أنفذ نجم الدّين إليه على يد ابن