عيون (١) ، فنزل أرناط (٢) صاحب الشّقيف وحيدا إلى خدمة السّلطان فخلع عليه واحترمه ، وكان من أكبر الفرنج وكان يعرف العربيّة ، وله معرفة بالتّواريخ ، فسلّم الحصن من غير تعب وقال : لا أقدر أساكن الفرنج ، والتمس المقام بدمشق ، ثمّ بدا منه غدر فقبض عليه وحبسه بدمشق ، ووكّل بالحصن من يحاصره (٣).
[مقتل الفرنج عند صيدا وعكا]
ثمّ بلغ إلى السّلطان أنّ الفرنج قد جمعوا وحشدوا وجيّشوا من مدينة صور ، وساروا لحصار صيدا وعكّا ليستردّوها ، فسار إليهم فالتقاهم ، فظهر الفرنج وقتل في سبيل الله طائفة. ثمّ كرّ المسلمون عليهم فردّوهم حتّى ازدحموا على جسر هناك ، فغرق مائتا نفس (٤).
[القتال على عكا]
ثمّ سار السّلطان إلى تبنين فرتّب أمورها ، وسار إلى عكّا فأشرف عليها ، وقرّر بها أميرين : سيف الدّين عليّ المشطوب الكرديّ ، وبهاء الدّين قراقوش الخادم الأبيض ، وعاد فلم يلبث أن نازلت الفرنج عكّا ، وجاءت من البرّ والبحر ، فسار السّلطان حتّى نزل قبالتهم وحاربهم مرّات عديدة ، وطال القتال عليهم ، واشتدّ البلاء ، وقتل خلق من الفرنج والمسلمين إلى أن دخلت السّنة الآتية والأمر كذلك (٥).
__________________
(١) مرج عيون : مرجعيون ، في الشمال الشرقي من الشقيف.
(٢) أرناط هو : رينالد ، ويعرف بريجنالد صاحب صيدا.
(٣) الفتح القسّي ٢٨٥ ـ ٢٩٢ ، النوادر السلطانية ٩٧ ـ ١٠٣ ، مفرّج الكروب ٢ / ٢٨٢ ـ ٢٩٠ ، الكامل في التاريخ ١٢ / ٢٧ ـ ٣٠ ، زبدة الحلب ٣ / ١٠٨ ـ ١١٠ ، تاريخ الزمان ٢١٤ ، المختصر ٣ / ٧٦ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٤١٣ ، ٤١٤ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ١٠٠ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٣١٧ ، السلوك ج ١ ق ١ / ١٠٢ ، شفاء القلوب ١٥٩ ، ١٦٠ ، تاريخ ابن سباط ١ / ١٩٠ ، ١٩١.
(٤) المصادر السابقة.
(٥) ستأتي مصادر موقعة عكا بعد قليل.