المجاهدين النّار في الحشيش ، فتأجّج عليهم استعارها ، فرجا الفرنج فرجا ، وطلب قلبهم المحرج مخرجا. وكلّما خرجوا جرحوا ، وبرّح بهم حرّ الحرب فما برحوا ، فشوتهم نار السّهام وأشوتهم ، وصمتت عليه قلوب القسيّ القاسية وأصمتهم.
وقال : وفتحوا في يوم الجمعة مستهل جمادى الأولى ، فجئنا إلى كنيستها العظمى ، فأزحنا عنها البؤسى بالنّعمى ، وحضر الأجلّ الفاضل فرتّب بها المنبر والقبلة».
وأوّل من خطب بها جمال الدّين عبد اللّطيف بن أبي النّجيب السّهرورديّ ، وولّاه السّلطان بها القضاء والخطابة والأوقاف.
وقال في حصار القدس : «أقامت المنجنيقات على حصانته حدّ الرجم ، وواقعت ثنايا شرفاته بالهتم ، وتطايرت الصّخور في نصرة الصّخرة المباركة ، وحجرت على حكم السّور بسفه الأحجار المتداركة ، وحسرت النّقوب عن عروس البلد نقب الأسوار ، وانكشفت للعيون انكشاف الأسرار».
[حصار صور]
وفي رمضان توجّه صلاح الدّين فنازل صور ونصب عليها المجانيق ، وكان قد اجتمع بها خلق لا يحصون من الفرنج ، فقاتلهم قتالا شديدا ، وحاصرها إلى آخر السنة وترحّل عنها.
وكان قد خرج أصطول صور في اللّيل فكبس أصطول المسلمين ، وأسروا المقدّم والرّئيس وخمس قطع ، وقتلوا خلقا من المسلمين في أواخر شوّال. فعظم ذلك على السّلطان وتألّم ، وهجم الشّتاء والأمطار ، فرحل في ثاني ذي القعدة ، وأقام بمدينة عكّا شهرين في خواصّه (١).
__________________
(١) انظر عن حصار صور في : الفتح القسي ١٥٣ ، والنوادر السلطانية ٨٣ ، والكامل في التاريخ ١١ / ٥٥٣ ـ ٥٥٥ ، وزبدة الحلب ٣ / ١٠٠ ، وتاريخ الزمان ٢١٢ ، وتاريخ مختصر الدول ٢٢١ ، ٢٢٢ ، والمغرب في حلى المغرب ١٥٥ ، والمختصر في أخبار البشر