[فتح عسقلان]
وقال ابن الأثير (١) : سار السّلطان عن بيروت نحو عسقلان ، واجتمع بأخيه العادل سيف الدّين ، ونازلوها في سادس جمادى الآخرة ، وزحفوا عليها مرّة بعد أخرى ، وأخذت بالأمان في سلخ الشّهر وسار أهلها إلى بيت المقدس.
وتسلّم البلد لثلاث بقين من رجب. وأنقذه الله من النّصارى الأنجاس بعد إحدى وتسعين سنة.
[الصلاة في المسجد الأقصى]
فلمّا كان يوم الجمعة رابع شعبان أقيمت الجمعة بالمسجد الأقصى ، وخطب للنّاس قاضي القضاة محيي الدّين بن الزّكيّ (٢) خطبة موثّقة بليغة.
وابتدأ السّلطان في إصلاح المسجد الأقصى والصّخرة ، ومحو آثار الفرنج وشعارهم. وتنافس الملوك معه في عمل المآثر الحسنة والآثار الجميلة ، فرزقنا الله شكر هذه النّعم ، ورحم الله صلاح الدّين وأسكنه الجنّة.
[وقعة حطّين يصفها العماد]
وللعماد الكاتب يصف وقعة حطّين : «حتى إذا أسفر الصّباح خرج إلى (...) (٣) تحرق نيران الفصال أهل النّار ، ورنّت القسيّ ، وغنّت الأوتار ، واليوم ذاك ، والحرب شاك ، وسقط عليهم فيض ، وماء الغيظ منهم غيض ، وقد وقد الحرّ ، واستشرى الشّرّ ، ووقع الكرّ والفرّ ، والجوّ محرق ، والجوى مقلق ، وأصبح الجيش على تعبية ، والنّصر على تلبية.
قال : وبرّح بالفرنج العطش ، وأبت عثرتها تنتعش ، فرمى بعض المطّوّعة
__________________
(١) في الكامل في التاريخ ١١ / ٥٤٥.
(٢) هو محمد بن علي بن محمد قاضي دمشق والخطيب والإمام. توفي سنة ٥٩٨ ه. (وفيات الأعيان ٤ / ٢٢٩ رقم ٥٩٤) وستأتي ترجمته في الجزء التالي من هذا الكتاب إن شاء الله.
(٣) في الأصل بياض.