وكلّمه ، فقال السّلطان : إن صدق حدسي فهذا الشّهاب السّهرورديّ. ثمّ قام واجتمع به ، وأخذه معه إلى القلعة ، وصار له شأن عظيم ، وبحث مع الفقهاء وعجّزهم ، واستطال على أهل حلب ، وصار يكلّمهم كلام من هو أعلى (١) منهم قدرا ، فتعصّبوا عليه ، وأفتوا في دمه حتّى قتل.
وقيل : إنّ الملك الظّاهر سيّر إليه من خنقه ، ثمّ بعد مدّة نقم على الذّين أفتوا في دمه ، وحبس جماعة وأهانهم وصادرهم.
حدّثني السّديد محمود بن زقيقة قال : كان السّهرورديّ لا يلتفت إلى ما يلبسه ، ولا يحتفل بأمور الدّنيا. كنت أتمشّى أنا وهو في جامع ميّافارقين وعليه جبّة قصيرة زرقاء ، وعلى رأسه فوطة ، وفي رجليه زربول ، كأنّه خربندا.
وللشّهاب شعر رائق حسن ، وله مصنّفات منها كتاب «التّلويحات اللّوحيّة والعرشيّة» (٢) ، وكتاب «اللّمحة» ، وكتاب «هياكل النّور» ، وكتاب «المعارج» وكتاب «المطارحات» (٣) ، وكتاب «حكمة الإشراق».
قلت : سائر كتبه فلسفة وإلحاد. نسأل الله السّلامة في الدّين.
قتل سنة سبع وثمانين (٤).
وذكره في حرف الياء ابن خلّكان (٥) ، فسمّاه كما ذكرنا ، وأنّه قرأ الحكمة والأصول على مجد الدّين الجيليّ شيخ الفخر الرّازيّ بمراغة ، وقال : كان شافعيّ المذهب ، وله في النّظم والنّثر أشياء ، ولقّبوه المؤيّد بالملكوت.
قال (٦) : وكان يتّهم بانحلال العقيدة والتّعطيل ، ويعتمد مذهب الحكماء
__________________
(١) في الأصل : «أعلا».
(٢) في المختصر لأبي الفداء ٣ / ٨٢ : «التلويحات والتنقيحات والمشارع والمطارحات».
(٣) جعله المؤلّف ـ رحمهالله ـ والّذي قبله كتابا واحدا في سير أعلام النبلاء ٢١ / ٢١٠ فقال : «كتاب المعارج والمطارحات».
(٤) وفي : الفلّاكة للدلجي ٦٧ مات سنة ٥٨٦ ه.
(٥) في وفيات الأعيان ٦ / ٢٦٨.
(٦) في وفيات الأعيان ٦ / ٢٧٢.