قلت : فإنّ من نسائنا أبكار الجارية ، تحبّ الخير وأهله وتحرص علىٰ الصلاة ، فيغلبها النوم ، حتّىٰ ربّما قضت وربّما ضعفت عن قضائه ، وهي تقوىٰ عليه أوّل الليل .
فرخّص لهنّ في الصلاة أوّل الليل إذا ضعفن وضيّعن القضاء » (١) .
فقلت في نفسي : سبحان الله ! كنّا ـ ولا نزال ـ نرجع إلىٰ كتاب وسائل الشيعة لننظر في أدلّة الأحكام الشرعيّة ، وأمّا الفوائد الأُخرىٰ المشتملة عليها تلك النصوص ، فلم نلتفت إليها ولم نهتمّ بها .
انظر إلىٰ هذه الرواية . . كيف علّم الأئمّة عليهم السلام الشيعة وأدّبوهم علىٰ الأحكام والسُنن فضلاً عن العمل بالأحكام الإلزامية ، حتّىٰ إنّ الجواري الأبكار في البيوت « تحرص » علىٰ صلاة الليل ، بحيث لمّا يغلبها النوم « تقضي » الصلاة بالنهار ، لكنّها لمّا تضعف عن القضاء « تشكو » إلىٰ وليّها ما تلقاه من غلبة النوم ثمّ من الضعف عن القضاء ، فيأتي الرجل إلىٰ الإمام عليه السلام ليسأل لها عن الوظيفة الشرعيّة في هذه الحالة ! !
نعم . . هكذا ربّىٰ أهل بيت النبيّ الشيعة ، يلتزمون بالنوافل ، حتّىٰ «أبكار الجارية» منهم ، وإلىٰ هذا الحدّ يحرصون عليها ولا يتركونها . .
وهكذا شأن أهل بيت النبيّ ، الّذين كانوا أوصياءه وخلفاءه في الغرض الذي من أجله بُعث ، كما في قوله تعالىٰ : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) (٢) .
وإلّا لَما أمر بالتمسّك بهم ـ دون غيرهم ـ من بعده ، في قوله صلّىٰ
__________________
(١) وسائل الشيعة ٤ / ٢٥٥ ح ٥٠٧٨ و ٥٠٧٩ .
(٢) سورة الجمعة ٦٢ : ٢ .