الإيهام بأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صحَّح رأي عمر ، ونسب نفسه إلىٰ الخطأ ـ حاشاه ـ ولأجل ذلك ذهب بعض علماء العامّة ، كـ : النووي ، والقاضي عيّاض ، إلىٰ القول : « إنّ الصواب في هذه الواقعة كان إلىٰ جانب عمر ، وٱدّعوا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم صوّبه حين عرض عليه رأيه » (١) .
والأدهىٰ من ذلك أنّ بعضهم حاول أن يؤسّس علىٰ ذلك قاعدة مفادها : « إنّ الإمام والكبير مطلقاً ، إذا رأىٰ شيئاً ورأىٰ بعض أتباعه خلافه ، ينبغي للتابع أن يعرضه علىٰ المتبوع ؛ لينظر فيه ، فإن ظهر له ما قاله التابع هو الصواب ، رجع المتبوع إليه ، وإلّا بيّن للتابع جواب الشبهة التي عرضت له .
قلتُ : إنّما يصغىٰ لهذا الكلام إذا لم يكن المتبوع نبيّاً بحقّ ، أمّا إذا كان نبيّاً فليس لأحدٍ من الأُمّة كافّة إلّا السمع والطاعة والإيمان الخالص من كلِّ شبهة » (٢) .
٣ ـ منع عمر من كتابة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قُبيل وفاته كتاباً يعصم الأُمّة من الضلال ، وٱتّهامه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّه يهجر ، وهي الحادثة المعروفة بـ : « رزيّة يوم الخميس » ، وهي جرأة علىٰ مقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وٱجتهاد صريح في قبال النصّ ، وتحكيم للرأي الشخصي علىٰ ما يراه الله ورسوله .
ومن بواعث العجب إصرار بعضهم علىٰ تصحيح موقف عمر بقولهم : « إنّ عمر كان موفّقاً للصواب في إدراك المصالح ، وكان صاحب إلهام من الله تعالىٰ ! وهذا ممّا لا يصغىٰ إليه في مقامنا هذا ؛ لأنّه يرمي
__________________
(١) النصّ والاجتهاد : ١٨٤ ، صحيح مسلم بشرح النووي ١ / ١٨٣ الهامش .
(٢) النصّ والاجتهاد : ١٨٤ .