ثانياً : لمّـا صـادف عليهالسلام الحـرّ الرياحـي وعارضـه ، وقـال لـه الحسـين عليهالسلام : « ثكلتك أُمّـك . . . » إلىٰ آخـره (١) .
ومـا ذكـرنا ذلك إلّا ليطّـلع الناقـد علىٰ تشـدّد يزيـد في طلب الحسـين عليهالسلام ، وأن لا بُـدّ من قتله ما دام ممتنعاً !
وبما أنّ القتل كان عنـد العـرب أمـراً هيّـناً لا أثـر لـه في نفوسـهم ، آثر الحسـين عليهالسلام القتل في خروجه مع الهتك ، لِما له من التأثير العظيم علىٰ نفوس العرب ، ومن العاقبة الوخيمة علىٰ بني أُميّة ، حذراً من أن يقتل في حـرم جدّه ، ويذهب دمـه هـدراً بلا تأثير عظيـم علىٰ العالـم الإسـلامي ، ولا الحصـول علىٰ شـرف خالد يسـتحقّ تمام الإعظام للعلويّين ، أو الحصـول به علىٰ أتباع يتظلّمون لهم ويتطلّبون بحقوقـهم (٢) .
__________________
= عنه عمرو بن سعيد الأشدق .
ٱنظـر : تاريخ الطبـري ٣ / ٣٠٤ حـوادث سـنة ٦٠ هـ ، الكامل في التاريـخ ٣ / ٣٨٠ حوادث سـنة ٦٠ هـ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٢٥ حوادث سـنة ٦٠ هـ .
(١) ٱنظر تفصيل الحوار الذي دار بين الإمـام أبي عبـد الله الحسـين عليهالسلام وبين الحرّ بن يزيد الرياحي في :
تاريخ الطبـري ٣ / ٣٠٥ ـ ٣٠٦ حوادث سـنة ٦١ هـ ، مقـتل الحسـيـن ـ لابن أعثم ـ : ٨٩ ـ ٩٦ ، مقتل الحسـين ـ للخوارزمي ـ ١ / ٣٢٩ ـ ٣٣٣ .
(٢) لقد أورد ابن عساكر حديثاً أحببت أن أذكره هنا لمناسبته للمقام ، قال :
وأنا موسىٰ بن إسماعيل ، نا جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرشك ، قال : حدّثني من شافه الحسين ، قال : رأيت أبنية مضروبة بفلاة من الأرض ، فقلت : لمن هذه ؟ قالوا : هذه لحسين . قال : فأتيته فإذا شيخ يقرأ القرآن ، قال : والدموع تسيل علىٰ خدّيه ولحيته ، قال : قلت : بأبي وأُمّي يا بن رسول الله ! ما أنزلك هذه البلاد والفلاة التي ليس بها أحـد ؟ !
فقال : هذه كتب أهل الكوفة إليَّ ، ولا أراهم إلّا قاتلي ، فإذا
فعلوا ذلك لم يدعوا لله حرمة إلّا انتهكوها ، فيسلّط الله عليهم من يذلّهم ، حتّىٰ يكونوا أذلّ
من فرم
=