آحادا موجودة ، فلنأخذ منها قدرا من الآحاد ونؤلفها ، فإما أن يتزايد الحجم على الواحد أولا ، والثاني باطل وإلّا لما كانت المقادير مؤلفة منها ، والأول يوجب وجود جسم متناه في الأجزاء ، فبطلت (١) كليتهم المحصورة وتكون نسبة هذا الجسم الى المؤلف من غير متناه نسبة متناه الى متناه لكنها هي بعينها نسبة الأجزاء الى الأجزاء ، فنسبة المتناهي الى المتناهي نسبة المتناهي الى غير المتناهي هذا خلف ، فإذن لا شيء من الأجزاء المتناهية الأقدار (٢) غير متناهية الأجزاء.
والنظام أجاب عن الأولين : بالطفرة (٣) ، وهي غير معقولة مع عدم القطع ومعه لا تقع (٤).
وعن الثالث : بالتداخل ، وهو باطل لما سيأتي.
واستدل النظام على إثبات الطفرة بوجوه :
أحدها : أنا نفرض بئرا طولها مائة ذراع وفي نصفها خشبة وفي الخشبة حبل مشدود وطوله خمسون ذراعا الى أسفل البئر وفي طرف الحبل الأسفل دلو ، ثم
__________________
سينا موجود في : الاشارات والتنبيهات. انظر : شرح الاشارات ج ٢ ص ٢٢.
(١) الف : فليطب.
(٢) ب : المقدار.
(٣) الطفرة في اللغة : الوثوب. قال خليل بن أحمد : «الطفر وثوب في ارتفاع كما يطفر الانسان حائطا اي يثبه الى ما ورائه» (ترتيب العين ص ٤٩٠). وقال ابن منظور : «الطفرة الوثبة وقد طفر يطفر طفرا وطفورا وثب في ارتفاع وطفر الحائط وثبه إلى ما ورائه» (لسان العرب ج ٤ ص ٥٠٢).
والطفرة في اصطلاح المتكلمين : ان يكون الجسم الواحد في مكان ثم يصير الى المكان الثالث ولم يمرّ بالثاني على جهة الطفرة (انظر : الاشعري ، مقالات الاسلاميين ج ٢ ص ١٨).
والذي جرّ النظام الى القول بالطفرة ، قوله بنفي الجزء الذي لا تجزى ، فإذا كانت المسافة المعينة ينقسم كل جزء من اجزائها الى ما لا نهاية فكيف يمكن قطعها في وقت متناه؟ فللتغلب على هذه الصعوبة احدث النظام القول بالطفرة.
(٤) ب : لا نفع.