وأيضا وجه وجوب المعرفة ليس له مدخل في الاستحقاق ، لأن وجه الوجوب إما جلب النفع له او دفع الضرر ، ومن فعل الواجب لهذين لم يستحق المدح بل يذمه العقلاء ، ولأجل ذلك اتفقت العدلية بأسرهم أن من فعل لأجلها لم يستحق الثواب.
قوله : المدح معلول الطاعة ولا يتوقف فلا يتوقف الثواب ، قلنا : أين دليل الملازمة؟ ولا استبعاد في كون أحد المعلولين مشروطا دون الآخر.
وأيضا فإنه يجوز أن يحصل أحد المعلولين دون الآخر فالتوقف لأحدهما على شرط أولى ، فإنه تعالى يستحق المدح بالواجب ولا يستحق الثواب.
مسألة : اختلفت المعتزلة في اشتراط الموافاة في الثواب والعقاب.
فقال بهما مشايخ بغداد ، وأنكره الباقون.
والقائلون بالموافاة اختلفوا ، فمنهم من قال : لا تثبت الاستحقاق بهما إلا في الآخرة وهو إذا وافى العبد بالطاعة سليمة إلى دار الآخر ، ومنهم من قال : بل يثبت في حال الموت وهو إذا وافى العبد بهما الى الموت ، ومنهم من قال : بل في حال الطاعة او المعصية بشرط الموافاة وهو أنه اذا كان معلوم الحكيم (١) منه أنه لا يحبط الطاعة الى حالة الموت او لا يندم على المعصية الى حالة الموت.
واحتج المشترطون بأن ثواب الإيمان دائم ، فلو لم تتوقف على الموافاة لكان المرتد إما أن يستحق العقاب الدائم مع استحقاق دوام الثواب [فهو باطل (٢)] ، أو يكون أحدهما زائلا بالآخر وهو المطلوب.
واحتج النافون بأن حسن المدح والذم على الطاعة والمعصية غير متوقف فكذلك الثواب والعقاب.
__________________
(١) ب : الحكم.
(٢) الف وج : ما بين المعقوفتين ساقط.