به من غيره وكل مستفيد ناقص.
ثم إنهم قالوا : إنه تعالى عالم بكمالات الممكنات فهو يوقعها على تلك الكمالات ، لا بأن يوجد الأشياء ناقصة ثم يكملها بعد ذلك بل لخلقه مشتاقا الى كماله اللائق به لا باستيناف تدبير والغرض هو استيناف ذلك التدبير في الكمال (١) بالقصد الثاني.
والأشاعرة أخذوا هذا الدليل من الأوائل وحرفوا (٢) ، فنفوا بسببه الغرض عنه تعالى وعن جميع الممكنات ، ولم يثبتوا غاية لممكن من الممكنات ، وأسقطوا علل الغائية بأسرها من الاعتبار ، وأبطلوا علم منافع الأعضاء والطب وغيرها من العلوم ، وهذا نقص عظيم في حقه تعالى.
والجواب عما قال (٣) الأوائل : المنع من كون كل فاعل (٤) مستفيدا ، على ان الدليل المبني على الحسن والقبح خطابيّ لا برهانيّ.
واستحدثت الأشاعرة حجتين آخرين : إحداهما أن الغرض إن كان قديما لزم قدم الفعل ذي الغرض ، وإن كان محدثا فإن كان محدثه الله تعالى تسلسل ، وإن كان غيره فهو باطل بما مر من أنه تعالى فاعل لكل غرض.
وثانيتهما ، أنّ الغرض ممكن ففعله بتوسط الفعل عبث.
والجواب عن الأول ، أنّ الغرض محدث حاصل منه تعالى ولا يتسلسل لانقطاع الأغراض ، أو نقول : إنه محدث من العبد وأصلهم فاسد.
وعن الثاني ، أن بعض الأغراض يستحيل وجودها من دون الفعل والمستحيل غير مقدور.
__________________
(١) ج : بالكمال.
(٢) ب : حرفوه.
(٣) ب : قاله.
(٤) ج : عاقل.