ما مضى والقبائح
موجودة فهي من فعله بإرادته.
وأيضا لو أراد
الله تعالى الطاعة من الكافر لصار مغلوبا والتالي باطل اتفاقا فالمقدم
مثله ، والشرطية ظاهرة ، لأن المريدين إذا تعارضا فالمغلوب من لم يقع مراده ،
ولأنه تعالى علم من الكافر أنه لا يؤمن والحكيم لا يريد ما علم أنه لا يكون ،
وللسمع كقوله تعالى : (لَوْ شاءَ رَبُّكَ
لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً) ، (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ
لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) ، (وَلَوْ شِئْنا
لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) ، وغير ذلك.
والجواب عن الأول
، أنه مبني على الاصل الفاسد ، وقد ثبت بطلانه فيما مضى.
وعن الثاني ، أنه
تعالى إنما لم يوصف بالمغلوبية من حيث إنه أراد الإيمان الاختياري من العبد لا
الاضطراري ، وهذا لازم عليكم أيضا ، فإنه تعالى أمر الكافر بالإيمان مع أنه لا
يقع.
وعن الثالث ، لا
نسلم أن الحكيم لا يريد ما لا يكون إذا كان ممكنا والإيمان ممكن من الكافر ،
والدليل السمعي متأوّل ، ولا منافاة بين قولنا وبين إثبات المشية لله تعالى في خلق
الإيمان والكفر فإنه تعالى قادر فلو أراد مهما أراد وقع.
مسألة : لما ثبت أنه تعالى حكيم ثبت أنه لا يفعل إلا لغرض ، وإلا
لكان عابثا تعالى الله عنه ، والأوائل نازعوا في ذلك قالوا : والا لكان ناقصا ،
لأن كل من فعل الحسن فهو مستفيد صفة هي أنه قد فعل ما هو حسن به في نفسه وما هو أحسن
__________________