وأيضا هذا المطلوب (١) فيه جهة حسن لا من حيث كونه كذبا بل من حيث اشتماله على المخلص (٢) ، وفيه جهة قبح وهي كونه كذبا والجهتان متغايرتان وما فيه جهة القبح فهو ملازم لها وما فيه جهة الحسن فهو ملازم لها من غير تغير.
وعن الثالث ، أنه كلّف أبا لهب من حيث إن الإيمان ممكن لا من حيث وقوع الإخبار بأنه لا يؤمن ، وهذا بعينه جواب عن الرابع ، فإن العلم لا يخرج الممكن عن إمكانه والكافر مكلف بالإيمان من حيث هو ممكن لا من حيث فرض العلم ، فإنك إذا فرضت العلم بالكفر حاصلا فقد فرضت الكفر ، لأن العلم لا بد فيه من المطابقة ومع فرض أحد طرفي النقيض لا يمكن فرض الآخر.
وعن الخامس ، أنه يجب عليه ترك الكذب في غد ، لأنه اذا كذب في الغد فعل شيئا فيه جهتا قبح وهو العزم على الكذب وفعله ووجها واحدا من وجوه الحسن وهو الصدق ، واذا ترك الكذب يكون قد ترك تتمة العزم والكذب وهما وجها حسن وفعل وجها واحدا من وجوه القبح وهو الكذب ، ولا شك أنّ الثاني أولى.
وعن السادس ، أنّ الجهل لازم من المقدمات الفاسدة الحاصلة للإنسان بسبب قوته الوهمية وترك استعمال قوته العقلية.
وعن السابع ، ما يأتي من كون الفعل مخلوقا للعبد.
وعن الثامن ، أن الظلم إنما يقبح قبل وجوده على معنى أن الفاعل إذا فعله كان بحيث يستحق الذم ، وهذه الحيثية ليست أمرا ثبوتيا كما يقول : النار علة في الاحراق وإن كانت النار معدومة على معنى أنها بحيث لو وجدت لصدرت عنها
__________________
(١) ب : الكذب.
(٢) ب : التخلص.