حدوثه أنّه عرض ليزدان فكرة في بعض الأوقات هي أنّه كيف يكون
حالي لو نازعني غيري فتولد الشيطان من هذه الفكرة ، ثم تحاربا واصطلحا وجعلا سيف
المنازعة عند القمر الى مدة.
وهذا الكلام مع
ظهور فساده دال على نقص قائله ، ثم نقول : الشيطان أصل الشر وقد صدر عن صانعهم
فيكون الذي أثبتوه خيرا ، شريرا.
مسألة : ذهبت النصارى الى أنه تعالى واحد ليس بمتحيز فهو احد
بالجوهرية ثلاثة بالأقنومية ، وهؤلاء ان أرادوا بالجوهر المعنى المصطلح عليه بين
الفلاسفة فاكثر الناس ينفونه عنه وهو مذهبنا ، ومن يجعل الوجود مغايرا لحقيقته
يوافقهم على اطلاق الجوهر بالمعنى وان لم يؤذن فيه.
وأما الأقانيم
فالمتكلمون خبطوا في مرادهم منها ، وتحرير القول فيه : أن هذه الأقانيم إما أن
يكون ذواتا متغايرة ومغايرة له تعالى كما يقوله الأشاعرة ، وإما أن يكون أحوالا
كما يقوله أبو هاشم ، وإما أن يكون أحكاما كما يقوله أبو الحسين ، فإن كان الأول
فهو باطل بما أبطلنا به مذهب الأشاعرة ، وإن كان الثاني فهو باطل بما أبطلنا به
مذهب أبي هاشم ، وإن كان الثالث فهو مسلم إلا أنّهم مع القول بكثرة الأقانيم
قائلون باتحادها وهذا غير معقول على ما سلف.
والذي حصّله
متأخروا المتكلمين من قولهم : إنّ أقنوم الأب إشارة الى الوجود الذي هو الذات
عندهم ، وإنّ أقنوم الابن هو علمه ، وإنّ أقنوم روح القدس هو حياته ، ولا منازعة
حينئذ الا في اللفظ ، الا أنّهم قالوا هاهنا أنّ أقنوم الابن اعني العلم اتحد
بعيسى فصار إلها بعد أن كان إنسانا وإنّ عيسى هو خالق
__________________