عدميّ.
ومما زعموا هاهنا أنّ النور خير والظلمة شرّ والخيرات حاصلة من النّور والشرور حاصلة من الظلمة ، وهذا باطل ، أما أولا فلأنّ البحث في الخير والشر والشرف والخسة من الابحاث الخطابية ، وأما ثانيا فلأنّ النور قد يظهر الهارب مع شريته وقد تخفيه (١) الظلمة مع خيريته.
ومما ذهبوا إليه هاهنا أنّهما غير متناهيين الّا من جهة التقائهما ، وهذا باطل ان عنوا بالسلب عدم الملكة ، لأنّ النور عرض فتناهيه تابع لتناهي محله ، وقد اسلفنا أنّ الأجسام متناهية.
ومما ذهبوا إليه أنّ النور حيّ عالم قادر سميع بصير متحرك لذاته ، واختلفوا فذهبت الصابئة (٢) الى أنّ القوة على هذه الإرادات (٣) قوة واحدة وتختلف بحسب الآلات والمشاعر.
واثبت المانوية لكل إدراك قوة ، واختلفوا في الظلمة فالديصانية نفت عنها هذه الأوصاف ، وذهبت المانوية الى أنّها موصوفة بها وما بيناه من بطلان ما تقدم آت هاهنا.
مسألة : ذهبت المجوس الى إثبات صانع للعالم قادر حي حكيم غير جسم ولا جسماني عالم منزه عن الشرور والنقائص سموه «يزدان» (٤) ونسبوا الشرور الى الشيطان ، وذهب بعضهم الى أنّه محدث وجسم وسبب
__________________
(١) ج : وتخفيه.
(٢) كذا في النسخ ، والظاهر أنه غلط من سهو القلم ، والصحيح هو الديصانية ، لأن الصابئة ليست من فرق الثنوية ، وما نسبه هنا الى الصابئة هو عقيدة الديصانية من الثنوية على ما ذكره الشهرستاني في : الملل والنحل ج ١ ص ٢٥٠ ، ونشوان الحميري في : الحور العين ص ١٤٠.
(٣) ب : الادراكات.
(٤) انظر عن عقائد المجوس وقولهم في يزدان واهريمن الى : الملل والنحل ج ١ ص ٢٣٣.