وأيضا فعلى تقدير كونها غير باقية يجوز وجود الفعل لوجود قدرة اخرى.
أما الثانية فلأنا (١) قد بينا أن الاعدام يجوز تعقله بالقادر وكذلك الباقي ، على أنا نقول : هذا الامتناع انما لزم من فرض اجتماع القدرة وعدم الفعل ، والمدعى امتناع وجود القدرة قبل الفعل لذاتها لا بانضمام غير إليها.
مسألة : القدرة غير موجبة للفعل ، وخالف في ذلك جماعة الأشاعرة.
وحجتنا في ذلك ما تقدم ، فانها لو كانت موجبة والقدرة قدرة على الضدين فيلزم وجودهما معا.
وأما بقاء القدرة ، فمذهب الأشاعرة فيه معلوم ووافقهم على ذلك البغداديون من المعتزلة ، والسيد المرتضى شك في بقائها (٢).
وأما المعتزلة ، فاستدل الخوارزمي على بقائها بأنها عبارة عن البنية ، ولا شك في استمرارها على طريقة واحدة.
واحتج البصريون على ذلك بأنه يحسن منا ذم من ترك ردّ وديعة بعيدة منه بمقدار عشر جهات في عشرة أوقات مع الأمر بردها ، فلو لم يكن فيه قدرة على الردّ لما حسن ذمه الّا على ترك قطع الجهة الاولى ، وذلك لا يمكن الّا مع البقاء.
اعترض عليهم الخوارزمي بأن هذه القدرة الباقية ليست قدرة على الردّ الّا على التقدير بأن يفعل بها مقدمات الرد من قطع المسافة ثم يتمكن به من الرّد ، وهذا لا فرق فيه بين القدرة الباقية والقدرة الحادثة وقتا بعد وقت في انه يتمكن بها من الرد على جهة التقدير ، فصح (٣) ذمه على ان لا يفعل الرّد بمقدماته.
وعندي في هذا نظر ، فإن القدرة على أمر مشروط بشرط ممكن ، تكون قدرة
__________________
(١) ب : فإنا.
(٢) كما جاء ذلك في : السيد المرتضى ، الذخيرة ص ٩٦.
(٣) ب : فقبح ذمه.