فارغ فهو المطلوب ، وإن كان الى مكان مملوء ، فالجسم المالي للمكان إن لم يتحرك لزم التداخل ، وإن تحرك الى مكان الأول لزم الدور ، أو الى غيره لزم أن يتحرك العالم بكليته عند حركة البقية.
الثاني : إن السطحين المتلاقيين إذا رفع أحدهما عن الآخر كان الوسط خاليا حال الرفع.
أجاب المانعون عن الوجهين : بثبوت التخلخل والتكاثف (١) الحقيقيين ، واحتجوا على الاستحالة بوجوه :
أحدها : إن الخلاء مقدر ، فإن البعد الذي بين طرفي الطاس أقل من الذي بين طرفي البلدة ، فهو اما كمّ او ذو كمّ وكيف كان فلا بد من جسم.
الثاني : إن البعد الخالي متناه وكل متناه مشكّل والشكل لا يعرض لطبيعته والّا لتساوى ، بل انما يعرض له من خارج طبيعته فتكون طبيعة البعد منفصلة والانفصال إنما يكون للمادة فيكون الخلاء ملاء ، وهذه الحجة (٢) عول عليها (٣) افلاطون.
الثالث : ان الخلاء على تقدير أن يكون بعدا متشابها او عدما صرفا استحال أن يكون فيه اختلاف ، وإذا كان كذلك استحال أن يتحرك الجسم من مكان الى مكان غيره (٤) ، وإن يسكن في مكان دون غيره والّا لكان ترجيحا لأحد
__________________
(١) التخلخل كون الشيء ذات خلل وفرج ، يقال متخلخل اي غير متضام كأنّ فيه منافذ (لسان العرب ج ١١ ص ٢١٥) ، والتكاثف بمعنى الغلظة ، يقال : تكاثف السحاب اذا تراكب وغلظ (تاج العروس ج ٦ ص ٢٣١).
ولقائل ان يقول : ان الالتزام بتخلخل الاجسام يلزم منه القول بالخلاء لتحقق الخلاء في خلل الجسم المتخلخل ، فتامل.
(٢) الف : كلمة الحجة ساقطة.
(٣) ذكر الرازي هذه الحجة في : المباحث المشرقية ج ١ ص ٢٣٠.
(٤) الف وج : الى غيره.