[رسالة سنجر إلى مسعود بطاعة الخليفة]
ثمّ أرسل سنجر إلى ابن أخيه مسعود يقول : ساعة وقوف الولد غياث الدّنيا والدّين على هذا المكتوب يدخل على أمير المؤمنين ويقبّل (١) [الأرض] بين يديه ، وتسأله العفو والصّفح ، وتتنصّل غاية التّنصّل ، فقد ظهرت عندنا من الآيات السّماويّة والأرضية ما لا طاقة لنا بسماع مثلها ، فضلا عن المشاهدة من العواصف والبروق والزّلازل ، ودوام ذلك عشرين يوما ، وتشويش العساكر وانقلاب (٢) البلدان ، ولقد خفت على نفسي من جانب الله وظهور آياته ، وامتناع النّاس من الصّلوات في الجوامع ، ومنع الخطباء ما لا طاقة لي بحمله ، فالله الله بتلافي أمرك ، وتعيد أمير المؤمنين إلى مقرّ عزّه ، وتسلّم إليه دبيسا ليحكم فيه ، وتحمل الغاشية بين يديه أنت وجميع الأمراء ، كما جرت عادتنا وعادة آبائنا (٣).
فنفّذ مسعود بهذه المكاتبة مع الوزير ، ونظر ، فدخلا على الخليفة ، واستأذنا لمسعود ، فدخل وقبّل الأرض ، ووقف يسأل العفو ، فقال : قد عفي عن ذنبك ، فأسكن (٤) وطب نفسا.
[شفاعة مسعود بدبيس]
ثمّ عامله مسعود بما أمره به عمّه ، وسأل من الخليفة أن يشفّعه في دبيس ، فأجابه ، فأحضروه مكتوفا بين أربعة أمراء ، ومع واحد سيف مجذوب ، وكفن منشور ، وألقي بين يدي السّرير ، وقال مسعود : يا أمير المؤمنين هذا السّبب الموجب لما تمّ ، فإذا زال السّبب زال الخلاف ، ومهما تأمر نفعل به. وهو يبكي ويتضرّع ويقول : العفو عند المقدرة ، وأنا أقلّ وأذلّ. فعفا عنه وقال : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ ..) (٥) فخلّوه ، وقبّل يد أمير المؤمنين وأمرّها على
__________________
(١) في الأصل : «يقتل».
(٢) في الكواكب الدرّية ١٠١ : «وانفلات».
(٣) انظر النص في : المنتظم ١٠ / ٤٧ (١٧ / ٢٩٧) ، والكواكب الدرّية ١٠٠ ، وأخبار الدول ٢ / ١٦٩ ، ١٧٠.
(٤) في الكواكب ١٠١ : «فاشكر».
(٥) سورة يوسف ، الآية ٩٢.