وتحت التّاج ، وهمّوا برجم الشّحنة ، وهاشوا عليهم ، فاقتتل أجناده والعوامّ ، فقتل من العوامّ مائة وثلاثة وخمسون نفسا ، وهرب أبو الكرم الوالي ، وحاجب الباب إلى دار خاتون ، ورمى أعوان الشّحنة الأبواب الحديد الّتي على السّور ، ونقبوا فيه فتحات ، وأشرفت بغداد على النّهب ، فنادى الشّحنة : لا ينزل أحد في دار أحد ، ولا يؤخذ لأحد شيء ، والسّلطان جاي (١) بين يدي الخليفة ، وعلى كتفه الغاشية (٢). فسكن النّاس. وطلب السّلطان من الخليفة «نظر الخادم» فنفّذ أطلقه ، وسار بالخليفة إلى داود ، إلى مراغة (٣).
[زلزلة بغداد]
وقال ابن الجوزيّ (٤) : وزلزلت بغداد مرارا كثيرة ، ودامت كلّ يوم خمس أو ستّ مرّات إلى ليلة الثّلاثاء ، فلم تزل الأرض تميد من نصف اللّيل إلى الفجر ، والنّاس يستغيثون (٥).
[تفاقم الأمر ببغداد]
وتصرّف عمّال السّلطان في بغداد ، وعوّقوا قرى وليّ العهد ، وختموا على غلّاتها ، فأفتكّ ذلك منهم بستّمائة دينار ، فأطلقوها.
وتفاقم الأمر ، وانقطع خبر العسكر ، واستسلم النّاس (٦).
__________________
(١) هكذا في الأصل.
(٢) الغاشية : هي غاية سرج من أديم مخروز بالذهب يظنّها الناظر كلّها ذهبا يلقيها (الملك) على يديه يمينا وشمالا. (صبح الأعشى ٢ / ١٢٧) وقال القلقشندي أيضا : تحمل بين يديه عند الركوب في المواكب الحفلة كالميادين والأعياد ونحوها ، ويحملها الركابدار رافعا لها على يديه يلفتها يمينا وشمالا. (صبح الأعشى ٤ / ٦).
(٣) المنتظم ١٠ / ٤٣ ـ ٤٦ (١٧ / ٢٩٦) ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ٢٢٠ ، الكامل في التاريخ ١١ / ٢٦ ، الفخري ٣٠٣ ، العبر ٤ / ٧٧.
(٤) في المنتظم ١٠ / ٤٦ (١٧ / ٢٩٦) ، وانظر : الكامل في التاريخ ١١ / ٣٤.
(٥) والخبر باختصار في : عيون التواريخ ١٢ / ٢٩٦ ، وهو في الكواكب الدرّيّة ١٠٠ ، ومرآة الزمان ج ٨ ق ١٥٢١ ، ١٥٧ ، وكشف الصلصلة ١٨٣ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٠٨.
(٦) المنتظم ١٠ / ٤٦ (١٧ / ٢٩٦ ، ٢٩٧) ، التاريخ الباهر ٥٢.