واعتنى باستدعاء [النّسّاخ] (١) والكتّاب ، فاجتمع له ما لم يجتمع لسلطان منهم ، كأبي القاسم بن الحذّاء الأحدب ، وأبي بكر محمد بن محمد بن القنطريّة ، وأبي عبد الله محمد بن أبي الخطّال ، وأخيه أبي مروان ، وعبد المجيد بن عبدان.
وطالت أيّامه ، إلى أن التقى عسكر بلنسية مع العدوّ الملعون ، فهزموا المسلمين (٢) ، وقتلوا من المرابطين خلقا كثيرا ، وذلك بعد الخمسمائة ، فاختلّت بعدها حال عليّ بن يوسف ، وظهرت في بلاده مناكر كثيرة ، لاستيلاء أمراء المرابطين الّذين هم جنده على البلاد الأندلسيّة ، ثمّ ادّعوا الاستبداد بالأمور ، وانتهوا في ذلك إلى التّصريح ، وصار كلّ واحد منهم يجهر بأنّه خير من أمير المسلمين عليّ بن يوسف ، وأنّه أولى بالأمر منه.
واستولى النّساء على الأحوال ، وصارت كلّ امرأة من أكابر البربر مشتملة على كلّ مفسد وشرّير ، وقاطع سبيل ، وصاحب خمر ، وأمير المسلمين في ذلك يزيد تغافله ، ويقوى ضعفه ، وقنع بالاسم والخطبة. وعكف على العبادة ، فكان يصوم النّهار ، ويقوم اللّيل ، واشتهر عنه ذلك ، وأهمل أمر الرعيّة غاية الإهمال.
وكان يعلم من نفسه العجز ، حتّى أنّه رفع مرّة يديه وقال : اللهمّ قيّض لهذا الأمر من يقوى عليه ويصلح أمور المسلمين.
حكى عنه هذا عبد الله بن خيار.
وقال اليسع بن حزم : ولّي عليّ بن يوسف ، فنشأت من المرابطين والفقهاء نشأة (٣) أهزلوا دينهم ، وأسمنوا براذينهم ، قلّدهم البلاد ، وأصاخ إلى رأيهم فخانوه ، وأشاروا عليه بأخذ مملكة ابن هود ، وقرّروا عنده أنّ أموال المستنصر صاحب مصر أيّام الغلاء حصلت كلّها عند ابن هود ، وأروه الباطل في صورة الحقّ.
__________________
(١) في الأصل بياض ، والمستدرك على وجه الترجيح.
(٢) انظر : الكامل في التاريخ ١ / ٥٨٦.
(٣) في الأصل : «نشأ».