الزّاهد العارف ، ولد بالرحبة ، ونشأ ببغداد. وكان له كاركة للدبس ، يجلس في غرفتها. وكان من الأولياء أولي الكرامات.
صحبه خلق ، فأرشدهم إلى الله تعالى ، وظهرت بركته عليهم ، وكان يتكلّم على الأحوال. وقد كتبوا من كلامه نحوا من مائة جزء. وكان أمّيّا لا يكتب.
قال عبد الرحمن بن محمد بن حمزة الشّاهد : رأيت في المنام كأنّ قائلا يقول لي : حمّاد شيخ العارفين والأبدال.
وعن حمّاد قال : مات أبواي في يوم واحد ، ولي نحو ثلاثين سنة. وكانا من أهل الرحبة.
وقال أحمد بن صالح الجيليّ : سمع من أبي الفضل بن خيرون ، وكان يتكلّم على آفات الأعمال في المعاملات ، والرياضيات ، والورع ، والإخلاص.
وقد جاهد نفسه بأنواع المجاهدات ، وزوال أكثر المهن والصّنائع في طلب الحلال. وكان كأنّه مسلوب الاختيار ، مكاشفا بأكثر الأحوال.
ومن كلام الشّيخ حمّاد : إذا أحبّ الله عبدا أكثر همّه فيما فرّط ، وإذا أبغض عبدا أكثر همّه فيما قسمه له ووعده به.
العلم محجّة ، فإذا طلبته (١) لغير الله صار حجّة.
وقال أبو سعد السّمعانيّ : سمعت أبا نصر عبد الواحد بن عبد الملك يقول : كان الشّيخ حمّاد يأكل من النّذر ، ثمّ تركه لمّا بلغه قوله عليهالسلام «إنّه يستخرجه به من البخيل» (٢) ، فكره أكل مال البخيل. وصار يأكل بالمنام. كان الإنسان يرى في النّوم أنّ قائلا يقول له : أعط حمّادا كذا فيصبح ويحمل ذلك إلى الشّيخ.
__________________
(١) في الأصل : «طالبته».
(٢) أخرجه البخاري (٦٦٩٣) ومسلم (١٦٣٩) من حديث عبد الله بن عمر ، في النذر ، أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم نهى عن النذر ، وقال : «إنه لا يأتي بخير».
وأخرجه مسلم (١٦٤٠) من حديث أبي هريرة ، بلفظ : «لا تنذروا ، فإن النذر لا يغني من القدر شيئا ، وإنما يستخرج به من البخيل».