ابن تومرت في ذلك ، فطلب مشايخ القبائل ووعظهم ، وقال : لا يصحّ دينكم إلّا بالنّهي عن المنكر ، فابحثوا عن كلّ مفسد وانهوه ، فإن لم ينته فاكتبوا أسماءهم ، وارفعوها إليّ. ففعلوا ذلك ثمّ أمرهم بذلك ثانيا وثالثا. ثمّ جمع الأوراق ، فأخذ ما تكرّر من الأسماء ، فأفردها عنده. ثمّ جمع القبائل كلّها وحضّهم على أن لا يغيب منهم أحد. ودفع الأسماء الّتي أفردها إلى عبد الله الونشريسيّ ، الملقّب بالبشير ، ثمّ جعل يعرضهم رجلا رجلا ، فمن وجد اسمه أفرده في جهة الشّمال ، ومن لم يجده جعله في جهة اليمين. إلى أن عرض القبائل جميعها. ثمّ أمر بتكتيف جهة الشّمال ، وقال لقبائلهم : هؤلاء أشقياء من أهل النّار قد وجب قتلهم. ثمّ أمر كلّ قبيلة أنّ تقتل أشقياءها ، فقتلوا كلّهم. وكانت واقعة عجيبة.
وقال : بهذا الفعل يصحّ لكم دينكم ويقوى أمركم.
وعلى ذلك استمرّت الحالة في جميع بلادهم. ويسمّونه : التّمييز.
وكان له أصحاب عشرة يسمّون أهل عشرة. وأصحاب من رءوس القبائل سمّاهم أهل خمسين ، كانوا ملازمين مجلسه.
فأمّا العشرة : فعبد المؤمن ، والشّيخ أبو إبراهيم الهزرجيّ ، والشّيخ أبو حفص عمر بن يحيى الهنتانيّ المعروف بعمرانينيّ ، والشّيخ أبو محمد عبد الله البشير ، والشّيخ أبو محمد عبد الواحد الزّواويّ ، وكن يعرف بطير الجنّة ، والشّيخ أبو محمد عبد الله بن أبي بكر ، والشّيخ أبو حفص عمر بن أرناق ، والشّيخ أبو محمد واسناد الأغماتيّ ، والشّيخ أبو إسحاق إبراهيم بن جامع ، وآخر.
فهؤلاء الّذين سبقوا وتعرّفوا به لأخذ العلم عنه. وكان اجتماعهم به أفرادا في حال تطوافه في البلاد ، فآثرهم واختصّهم.
وفي أوّل سنة أربع وعشرين جهّز جيشا زهاء عشرين ألف مقاتل ، قدّم عليهم البشير ، ثمّ دونه عبد المؤمن ، بعد أمور وحروب. فساروا إلى مرّاكش ، وحاصروها عشرين يوما. فأرسل عليّ بن يوسف بن تاشفين إلى عامله على سجلماسة ، فجمع جيشا وجاء من جهة ، وخرج ابن تاشفين من البلد من جهة ، ووقع الحرب ، واستحرّ يومئذ القتل بجيش المصامدة ، فقتل أميرهم عبد الله