ودخل طوس في آخر عمره ، وصحّح عليه أبو حامد الغزاليّ «الصّحيحين».
ثمّ خرج من طوس إلى مرو قاصدا إلى الإمام أبي بكر السّمعانيّ باستدعائه إيّاه ، فأدركته المنيّة بسرخس ، فتوفّي في ربيع الآخر كما هو مؤرّخ على بلاطة قبره.
قال أبو جعفر محمد بن أبي عليّ الهمذانيّ الحافظ : ما رأيت في تلك الدّيار أحفظ منه ، لا بل في الدّيار كلّها. كان كتّابا ، جوّالا ، دار الدّنيا لطلب الحديث. لقيته بمكّة ، ورأيت الشّيوخ يثنون عليه ويحسنون القول فيه. ثمّ لقيته بجرجان ، وصار من إخواننا.
وقال أبو بكر بن السّمعانيّ : قال لي إسماعيل بن محمد بن الفضيل بأصبهان : كان عمر خرّيج أبي مسعود البجليّ. سمعته يقول : دخل أبو مسعود دهستان ، فاشترى من أبي رأسا ، ودخل المسجد يأكله. فبعثني والدي إليه ، فقال لي : تعرف شيئا؟ فقلت : لا. فقال لوالدي : سلّمه إليّ فسلّمني أبي إليه ، فحملني إلى نيسابور ، وأفادني ، وانتهى أمري إلى حيث انتهى (١).
وقال خزيمة بن عليّ المروزيّ الأديب : سقطت أصابع عمر الرّوّاسيّ في الرحلة من البرد الشّديد.
وقال الدّقّاق في رسالته : إنّ عمر حدّث بطوس «بصحيح مسلم» من غير أصله ، وهذا أقبح شيء عند المحدّثين. وحدّثني أنّ مولده بدهستان سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. وأنّه سمع منه هبة الله بن عبد الوارث الشّيرازيّ في سنة ستّ وخمسين وأربعمائة.
قال ابن نقطة في كتابه «الاستدارك» : سمعت غير واحد من أهل العلم ، أنّ أبا الفتيان سمع من ثلاثة آلاف وستّمائة شيخ.
وقال الرّوّاسيّ : أريد أن أخرج إلى مرو وسرخس على الطّريق ، وقد قيل إنّها مقبرة العلم ، فلا أدري كيف يكون حالي بها.
__________________
(١) انظر الرواية بأطول مما هنا في (الأنساب ٦ / ١٧٣).