هو العدد (١) ، وهو أول مبدع أبدعه الباري تعالى ؛ فأول العدد هو الواحد ، وله اختلاف رأي في أنه هل يدخل في العدد أم لا كما سبق ، وميله الأكثر إلى أنه لا يدخل في العدد ، فيبتدئ العدد من اثنين.
ويقول هو منقسم إلى زوج وفرد ، فالعدد البسيط الأول اثنان ، والزوج البسيط الأول أربعة ، وهو المنقسم بمتساويين ، ولم يجعل الاثنين زوجا ، فإنه لو انقسم لكان إلى واحدين ، وكان الواحد داخلا في العدد ، ونحن ابتدأنا في العدد من اثنين ، والزوج قسم من أقسامه. فكيف يكون نفسه؟ والفرد البسيط الأول ثلاثة. قال : وتتم القسمة بذلك ، وما وراءه فهو قسمة القسمة ، فالأربعة هي نهاية العدد ، وهي الكمال ، وعن هذا كان يقسم بالرباعية «لا ، وحق الرباعية التي هي تدبر أنفسنا ، التي هي أصل الكمال» وما وراء ذلك فهو زوج الفرد ، وزوج الزوج ، وزوج الزوج والفرد.
ويسمي الخمسة عددا دائرا ؛ فإنها إذا ضربتها في نفسها أبدا عادت الخمسة من الرأس.
ويسمي الستة عددا تاما ؛ فإن أجزاءها مساوية لجملتها.
والسبعة عددا كاملا ، فإنها مجموع الزوج والفرد ، وهي نهاية أخرى.
والثمانية مبتدؤه ، مركبة من زوجين.
والتسعة من ثلاثة أفراد ، وهي نهاية أخرى.
__________________
(١) رأى فيثاغورس أن الحقيقة التي لا حقيقة بعدها قائمة في العدد مبدأ جميع الموجودات ، فهو جوهر الوجود تزول الأشياء وهو لا يزول ، والكائنات متفرعة كالعدد من الواحد إلى الكثرة العددية ، والكثرة العددية عائدة إلى الواحد الذي هو مبدؤها ونقطة تفرعها. وقد حاول الفيثاغوريون أن يطبّقوا فلسفتهم العددية على الجماليات والسياسة والأخلاق والتربية ، ووجدوا علاقات خفية بين الأعداد العشرة الأولى وجميع الكائنات المادية والروحية ؛ وهكذا فالثلاثة تطابق المكان بأبعاده الثلاثة ، والخمسة تطابق الصفة ، والستة الرطوبة ، والسبعة العقل والنور والصحة ، والثمانية الحب والصداقة ، والتسعة الروية ؛ أما العشرة ـ وهي عدد يحتوي على هذه الأعداد كلها ـ فإنها ذات طبيعة إلهية ، وتطابق تركيب الكون الذي يحتوي جميع الأشياء.