الباب الثاني
الفلاسفة
الفلسفة (١) باليونانية : محبة الحكمة. والفيلسوف هو : فيلا وسوفا. وفيلا هو المحب ، وسوفا : الحكمة ، أي هو محب الحكمة.
والحكمة قولية وفعلية.
أما الحكمة القولية ، وهي العقلية أيضا ، فهي كل ما يعقله العاقل بالحد ، وما يجري مجراه مثل الرسم ، والبرهان وما يجري مجراه مثل الاستقراء ، فيعبر عنه بهما.
__________________
(١) كلمة فلسفة مكونة من مقطعين «فيلوس» ومعناها في اليونانية محب «وسوفيا» ومعناها الحكمة ، فمعنى فيلسوف محب الحكمة ، ومعنى فيلسوفي حب الحكمة وقد عربها العرب بفلسفة وفيلسوف.
والفلسفة وليدة نظرة العقل البشري إلى الوجود في أصله وجوهره ومصيره ، وتطلع العقل إلى إدراك المبادي الأولى فيه.
بدأت الفلسفة فطرية ساذجة تستند إلى الحس والظاهر القريب ثم راحت تحكّم العقل والمنطق لتصبح محاولات متجددة باستمرار.
قال إخوان الصفاء : «الفلسفة أولها محبة العلوم ، وأوسطها معرفة حقائق الموجودات بحسب الطاقة الإنسانية ، وآخرها القول والعمل بما يوافق العلم».
هكذا يتجلى لنا أن الفلسفة علم بأصول نتعرف به إلى الوجود ونستخلص من معرفتنا خطة نسير عليها نحو الهدف الأعلى. أما العلم فهو معرفة الكائن بما هو كائن والوصول إلى المبادي الأولى والغايات الأخيرة ، وأما الهدف الأعلى فهو السعادة الناتجة عن الكمال.
وللفلسفة غايتان أساسيتان لا يستطيع العلم تحقيقهما : غاية نظرية ، تهدف إلى معرفة ما في الكون وتفسيره ، وغاية عملية تهدف إلى معرفة الخير وتحديد السلوك الإنساني وفقا لمقتضياته.