وقال : لا تكن أيها الإنسان كالصبي إذا جاع ضغا (١) ، ولا كالعبد إذا شبع طغى ولا كالجاهل إذا ملك بغى (٢).
وقال : لا تشيرن على عدو ولا صديق إلا بالنصيحة. فأما الصديق فتقضي بذلك من واجبه ، وأما العدو فإنه إذا عرف نصيحتك إياه هابك وحسدك. وإن صح عقله استحى منك وراجعك.
وقال : يدل على غريزة الجود السماحة عند العسرة ، وعلى غريزة الورع الصدق عند الشره ، وعلى غريزة الحلم العفو عند الغضب.
وقال : من سره مودة الناس له ، ومعونتهم إياه ، وحسن القول منهم فيه حقيق بأن يكون على مثل ذلك لهم.
وقال : لا يستطيع أحد أن يحوز الخير والحكمة ، ولا أن يخلص نفسه من المعايب إلا أن يكون له ثلاثة أشياء : وزير ، وولي ، وصديق. فوزيره عقله ، ووليه عفته ، وصديقه عمله الصالح.
وقال : كل إنسان موكل بإصلاح قدر باع (٣) من الأرض ، فإنه إذا أصلح قدر ذلك الباع صلحت له أموره كلها ، وإذا أضاعه أضاع الجميع ، وقدر ذلك نفسه.
وقال : لا يمدح بكمال العقل من لا تكمل عفته ، ولا بكمال العلم من لا يكمل عقله.
__________________
(١) ضغا : صوّت وصاح ، وفي حديث حذيفة في قصة قوم لوط : فألوى بها حتى سمع أهل السماء ضغاء كلابهم ، وفي رواية : حتى سمعت الملائكة ضواغي كلابهم ، أي صياحها. (اللسان مادة ضغا).
(٢) البغي : الظلم والفساد والتعدي ، وبغى الرجل علينا إذا عدل عن الحق واستطال ، وفلان يبغي على الناس أي يظلمهم ويطلب أذاهم ويأتي معهم الجور.
(٣) الباع : مسافة ما بين الكفين إذا بسطتهما. وفي الحديث : إذا تقرّب العبد مني بوعا أتيته هرولة ؛ والبوع والباع سواء ، وهو قدر مدّ اليدين وما بينهما من البدن ، وهو هاهنا مثل لقرب ألطاف الله من العبد إذا تقرّب إليه بالإخلاص والطاعة. (لسان العرب مادة بوع).