أبنيّ أمّن طيرها |
|
والوحش تأمن في ثبير (١) |
ومنهم من كان ينسئ (٢) الشهور ، وكانوا يكبسون في كل عامين شهرا ، وفي كل ثلاثة أعوام شهرا ، وكانوا إذا حجوا في شهر من السنة لم يخطئوا أن يجعلوا يوم التروية (٣) ويوم عرفة (٤) ، ويوم النحر (٥) كهيئة ذلك في شهر ذي الحجة ، حتى يكون يوم النحر اليوم العاشر من ذلك الشهر ، ويقيمون بمنى ، فلا يبيعون في يوم عرفة ، ولا في أيام منى ، وفيهم أنزلت (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) (٦).
وكانوا إذا ذبحوا للأصنام لطخوها بدماء الهدايا ، يلتمسون بذلك الزيادة في أموالهم.
وكان قصي (٧) بن كلاب ينهى عن عبادة غير الله من الأصنام ، وهو القائل :
أربّا واحدا أم ألف ربّ |
|
أدين إذا تقسّمت الأمور |
تركت اللّات والعزّى جميعا |
|
كذلك يفعل الرّجل البصير |
فلا العزّى أدين ولا ابنتيها |
|
ولا صنمي بني غنم أزور |
وقيل هي لزيد بن عمرو بن نفيل ، فلقي في ذلك من قريش شرا حتى أخرجوه عن الحرم فكان لا يدخله إلا ليلا.
__________________
(١) ثبير : من أعظم جبال مكة بينها وبين عرفة. سمي ثبيرا برجل من هذيل مات في ذلك الجبل فعرف به.
(معجم البلدان ٢ : ٧٣).
(٢) النسء : تأخير حرمة شهر إلى آخر ، من نسأت الشيء إذا أخرته.
(٣) يوم التروية : يوم قبل يوم عرفة ، وهو الثامن من ذي الحجة ، سمي به لأن الحجاج يتروون فيه من الماء وينهضون إلى منى ولا ماء بها فيتزودون ريهم من الماء ، أي يسقون ويستقون. (اللسان مادة روي).
(٤) يوم عرفة : سمي بذلك لأن الناس يتعارفون به ، وقيل غير ذلك. (اللسان مادة عرف).
(٥) يوم النحر : عاشر ذي الحجة ، وهو يوم الأضحى لأن البدن تنحر فيه. (اللسان مادة نحر).
(٦) سورة التوبة : الآية ٣٧.
(٧) قصي بن كلاب : عالم قريش ، وأقومها للحق. كان يجمع قومه يوم العروبة ويذكرهم ويأمرهم بتعظيم الحرم ، ويخبرهم بأنه سيبعث فيه نبي. وكان ينهى عن عبادة الأصنام ، وقد خلعت له الرئاسة في مكة ، بعد أن أجلى خزاعة عنها.